شهدت مصر في عهد محمد علي خاصة بالصحافة الرسمية، وقد اتصل إنشاء هذه الصحافة بإنشاء النظم الجديدة، وقد تطورت الصحف الرسمية بتطور هذه النظم حتى أصبحت فيما بعد ركنًا من أركان السياسة العامة أو غرضًا من أغراض الحكم، واستطاعت هذه الصحف أن تؤدي رسالتها وتحقق الأمل فيها بحيث أضحت فوائدها تغري بالاستزادة منها في مصر وخارجها، وقد ساير إنشاء الصحف الرسمية اتساع في الإمبراطورية المصرية ليس هنا محل تفصيله، غير أن يعنينا في تلك الإمبراطورية جزيرة كريت وهي إحدى الممتلكات المصرية منذ حرب الموردة في سنة 1822، وذلك لارتباط إحدى الصحف بها، فقد شهدت كريت نشاطًا صحفيًّا ملحوظًا دون ولايات الباشا المتعددة، مصدره هذا التنظيم الرائع لحياة هذه الجزيرة وسكانها، إذ أنشأ الباشا المجالس فيها "ليتم للجزيرة رخاؤها وعمرانها فتصبح بهجة الديار وموضع حسد الأمصار وغبطة الأقطار" وهو يعني بتخير رجاله القادرين على سياسة الجزيرة وأهلها كعثمان نور الدين بك رئيس الجهادية "الخبير بأصول الإدارة الأوربية" ليشرف على تكوين المجالس المذكورة من المسلمين والمسيحيين الذين ستلقى إليهم أمور البلاد الخاصة "بالأحوال الشخصية الموافقة للشرع ودعاوي الخلق ومصالحهم" ومع أن وظيفة هذه المجالس استشارية إلا أن ذلك لم يحل دون نظر أعضائها في الأمور الإدارية وكل ما يتصل بالعرف والقانون على أن تطبق "الأصول الجزئية والكلية"1.