ويعين لخدمتها بعض رجالات العصر كرفاعة رافع الطهطاوي وأدهم بك مدير المدارس غير بعض السوريين الذين ولًّاهم شئونها الصغرى في التحرير والإدارة كأحمد فارس الشدياق والسيد شهاب الدين باشمصحح مطبعة بولاق1.
وقد اقتسمتها اللغتان التركية والعربية وتغلبت الأولى مرة والثانية مرة أخرى إلى أن صدرت كل منهما في صورة منفصلة.
وعلى هذا النحو نشرت أقدم الصحف المصرية ومضت قدمًا كأول مثال للصحيفة المصرية بالمعنى المفهوم، وهي نظائرها من الصحف الرسمية في أوربا التي تخصصت للأوامر الرسمية والقوانين واللوائح فقط.
ارتبط تاريخ الصحافة الرسمية في مصر بالنظم الجديدة التي قررها ولي النعم، فقد شاهدنا كيف أنتج نظامه الإداري الأول الجرنال فأصبح جريدة رسمية يومية لكبار موظفيه ومأموريه، ثم رأى الباشا أن يعدل نظمه ويؤسس حكومته من جديد، واستلهم في ذلك القواعد الفرنسية التي اتبعت في مصر خلال الاحتلال الفرنسي فأسس في سنة 1826 مجالس الدولة وأنشأ الوزارات في صورة دواوين وعدل التقسيم الإداري، كما أنشأ مع نظامه هذه المدارس، وأخذت مطبعة بولاق تزحم في تلك الفترة بكتبها في كثير من العلوم والفنون، كما عقب على نشاطه الإداري والتعليمي بتنظيم زراعي لا بأس به2 وقد تبع إنشاء النظام الجديد كثير من التغيير والتبديل في مصالح الحكومة واختصاصاتها، وبذلك أنشأ محمد علي أول نظام ثابت لحكومة مصر وكانت قد حرمت النظام والاستقرار عدت قرون، وارتبط إنشاء الوقائع المصرية بهذا النظام وأصبحت لسانًا له وصدى لآماله الكبار.