وترتب على ذلك أن عرضت هذه الصحف الجديدة لأفكار وآراء لم يسمع بها الرأي العام المصري في نطاق واسع.
ومن هذه الصحف "أخبار اليوم" وهي ليست صحيفة مذهب اجتماعي، ولا تعبر عن فكرة سياسية خاصة، بل أهم ما يبدو في رسالتها مخاصمة الوفد المصري سواء كان في الحكم أو في المعارضة، بيد أنها وزميلتاها "آخر ساعة" و"آخر لحظة" تتميز بالتفوق في الفن الصحفي من حيث الإخراج والسبق الصحفي، وتلوين مادتها بكثير من الموضوعات الطريفة الجذابة، كما تمتاز بمجموعة من الأقلام القوية كأقلام محمد التابعي وصاحبها مصطفى وعلي أمين وتوفيق الحكيم وإن آثر الأخير وظائف الدولة على التحرير فيها.
ولا نستطيع أن نتعقب الصحف التي صدرت مقلدة لأخبار اليوم حتى في شكلها وحجمها فهي كثير وأقل أهمية، وليس لها في ميدان الصحافة نصيب من الأهمية والاعتبار، سواء كانت صحفًا وفدية أو خصيمة للوفد.
ومن الصحف التي برزت في تلك الأيام وتقدمت الصفوف "الجمهور المصري" و"الاشتراكية " وهما صحيفتان تمثلان اتجاهًا معينًا، وإن كانت الثانية أكثر وضوحًا في رسالتها، فهي تدعو إلى مذهب الاشتراكية وتعمل على أن يسود هذا المذهب بالطرق المشروعة، ولا يخفى علينا أن الدعوة الاشتراكية قد يضطر أحيانًا مثل هذه الصحف إلى أن تعنف في عبارة أو تعبير، الأمر الذي جعل حياتها نهبًا للمصادرة والمحاكمات المختلفة.
هذا هو التيار الجديد الذي سرى في صحافة مصر إذ ذاك، وهذا التيار يحمل في أعطافه أسماء عشرات الصحف التي لا محل لذكرها هنا بعد أن سجلناها في ثبت خاص منشور في عجز هذا الكتاب، هذا إلى كثير من الصحف الحزبية التي ظهرت، وليس في رسالتها جديد إلا الفكرة الحزبية الخالصة كصحيفة الأساس لسان حال الحزب السعدي، وهي لا تختلف عن السياسة لسان الأحرار الدستوريين والمصري الوفديين والكتلة لمؤسسها مكرم عبيد.