على الحملة على المسيحيين في الجيش العثماني بعد حرب البلغار1 وأخيرًا تنحى عنها الشيخ علي يوسف في سنة 1913 بعد أن عين شيخًا للسادة الوفائية وبيعت أدوات "المؤيد" وختم تاريخه الحافل في 17 أبريل عام "1916"2 ولم تبلغ مصر الحرب العظمى حتى كان صحف الأحزاب الثلاثة قد تعطلت إما بفعل الحكومة كما هو ظاهر من ختام حياة "الشعب" أو بتنحي رجالها عنها كما حدث في "المؤيد" أو لاضطراب في ماليتها وإيثار محرريها وظائف الحكومة كما دلت عليه حال "الجريدة" إذ ذاك، ولم تعش الصحف الأخرى وأهمها "الأهرام" و"المقطم" في القاهرة "والأهالي" و"البصير" في الإسكندرية إلا بما اصطنعت من مسايرة الظروف حتى مرت الحرب العظمى وبدأ التاريخ يخط صفحة جديدة في حياة الصحافة المصرية.
ويجدر بمن يؤرخ للصحافة المصرية منذ الاحتلال إلى قيام الحرب العظمى أن يذكر بعض السمات العامة التي اتسمت بها صحافة ذلك العهد، وهي صحافة استكملت أسباب النضج من حيث الشكل والموضوع معًا، فقد مكن لها اختلاف السلطات على تناول الحكم فأصبحت صحافة أصيلة تمثل حزبًا من الأحزاب أو رأيًّا من الآراء، غير أن أساطين الرجال العاملين فيها كانوا جميعًا من أبناء المدرسة القديمة، حديثي السن منهم أو الطاعنين فيها، الدارسين للثقافة الغربية أو العالمين بآداب العرب وعلومهم وحدها، فقد كان مصطفى كامل وعلي يوسف وغيرهم فيما خلا محرري "الجريدة" و"الأهرام" يربطون بين حرية مصر واستقلالها وحرية تركيا وآمالها، تغلب على اتجاهاتهم وميولهم النزعة الدينية.
وقد يكون الأسلوب السياسي وحده هو الذي جعل مصطفى كامل يظهر بهذه الصورة التي شرحناها، أما غيره من الصحفيين ورجال الرأي الذين