استياءهم من اتصال العميد البريطاني ببعضهم ثم يرفضون اعتمادهم نفقات جيش الاحتلال، وهو أول موقف كريم عرف لهذا المجلس، وقد ساء الصحافة الإنجليزية هذا الموقف وساءها انضمام رياض باشا إلى الأعضاء وإعلانه مشاركة الحكومة للمجلس فيما ذهب إليه عن الجلاء1.
وتنشر الأهرام هذه المواقف الجديدة في حياة مجلس الشورى وتمتدح أعضاءه ثم تفسح صدرها للمصريين الذين آن لهم أن يتنفسوا ويخرجوا من يأسهم وقنوطهم فقد فقدوا الحرية والاستقلال معًا، وانحلت المقاومة الأهلية وأصبح الاحتلال مهيمنًا على مرافق الحياة العامة ومصالح الدولة ووزاراتها جميعًا، وليس في ميدان المعارضة جريدة ذات أهمية إلا "الأهرام" فكانت للمواطنين نعم السند ونعم النصير.
وفي ذلك الوقت ظهر في بيئة الوطنيين فتى له في تاريخ مصر وصحافتها الشأن الأول إذا كانت الحياة جهادًا وكفاحًا وحقًّا، واحتفلت به جريدة الأهرام وفسحت صدرها لقلمه، فكانت أهم مقالاته فيها مقالًا استغرق صفحاتها الأولى عن "الوعود الصريحة" وعود الجلاء المتكررة من الإنجليز، وهو يوجه المعارضة في عنف وشدة قلما رأى الاحتلال مثلهما في صحيفة عربية، فإن الإنجليز "بمحافظتهم على هذا الاحتلال الثقيل قد تنكروا لأعز شيء يتباهون به ويفخرون أعني بذلك الشرف البريطاني الجليل الشأن الرفيع البنيان" ثم يعقب على هذا المقال في يوم آخر بحديث جرى بينه وبين السير بارنج له خطره ومكانته كعمل صحفي، وله آثاره كعمل وطني2 وتمد الأهرام في رحابها لمصطفى كامل فقد استنكر هذا المعارض الوطني الجديد إنشاء "المحكمة المخصوصة" وهي محكمة ألفت لمحاكمة الأهالي الذين يعتدون على الجنود الإنجليز، وهي لا تتقيد بقانون العقوبات، فنشرت له احتجاجًا ناريًا