القنصل ومضت في تنفيذ قرارها وصادرت الجريدة وأقفلت المطبعة، وأراد وكيل القنصلية أن يتدخل فأهين من السلطات المصرية، فبعث القنصل العام لفرنسا في مصر إلى حكومته بمضمون ما حدث، ولما كانت هذه هي المرة الثانية التي تهان فرنسا فيها، فقد هددت بقطع العلاقات مع الحكومة المصرية إذا لم تعتذر الحكومة وتعيد الجريدة والمطبعة إلى الحياة.
ورأى الإنجليز المسئولون في مصر أن الأزمة قد بلغت حدًّا قد يؤثر في علاقات فرنسا وإنجلترا فتخلوا عن مصر ونصحوا لها بحل الموقف مهما يكن الثمن، ففتحت المطبعة بدون قيد ولا شرط، وذهب نوبار باشا بملابسه الرسمية إلى معتمد فرنسا وقدم اعتذاره رسميًّا في 3 مايو عام 1885 وعادت الجريدة إلى الظهور في 2 مايو من السنة المذكورة1.
وقد صدر كتاب أصفر يحتوي على المحادثات التي دارت بين الحكومات الثلاث2 وخسرت مصر بذلك الموقف خسارة أدبية لم تهم الإنجليز في شيء، غير أن هذه الأزمة التي حدثت بين الحكومات الثلاث قَوَّتْ ساعد الأهرام، فإن فرنسا قد كسبت المعركة وخسرتها الحكومة المصرية ومن ورائها المحتلون، ونحن نعني بالأهرام وحدها في تاريخ صحافة ذلك العهد؛ لأنها الجريدة الوحيدة التي عارضت في أسلوب عف وناقشت خصومها في عبارات مهذبة، مع أنه كان بجانبها صحفيون "من أهل اللهجة العربية" ينشرون صحفهم وبعضها معارض غير أنها صحف كما تقول الحكومة ويصدقها الواقع تعلم "الفحش والبذاء المفسدون لأخلاق العامة"3.
قوى انتصار فرنسا في الأزمة الصحفية السابقة جريدة الأهرام، فاشتدت معارضتها وحملت على الإنجليز وسياستهم في جميع أعدادها، وإذا نسي