تهيئة الفرصة لإعلان التبرم بالحالة التي شهدتها مصر إذ ذاك، فقد شكا الضباط من استئثار الترك والأرناءود بالرتب والرواتب، وشكا الخاصة من استبداد الحكومة وانصرافها عن كل فكرة دستورية وتعطيلها مجلس شورى النواب زهاء سنتين، ثم سكت العامة من ضيق العيش والضرائب المرهقة.
أجمعت الطبقات جميعًا على الشكوى واتخذ التبرم صورة عملية فثار الضباط "لتنزيل وزارة رياض باشا وجعل الحكومة دستورية"1 وطوحت الحوادث بحكومة رياض وعاد شريف باشا إلى رياسة النظارة بعد الثورة العسكرية المعروفة واستأمنه الجيش على حقوقه وأمنه الأعيان على طلباتهم وأهمها الدستور وأكد لهم شريف "أن تشكيل مجلس النواب هو الوسيلة الوحيدة لما نقصده من الإصلاح"2.
هدأت الأمور بعد اضطراب وبدأت مصر تشعر بلون من الاستقرار في عهد الوزارة الشريفية وإن زها نجم الجيش وزعيمه أحمد عرابي، فقد كان هذا الجيش ممثلًا بحق لشعور المصريين جميعًا لأنه الطبقة الوحيدة بين هيئات الحكومة التي غلبت عليها مصريتها، غير أن الزعماء العسكريين تنحوا عن الميدان مؤقتًا يراقبون الإصلاح المنشود في حذر، واستقبل الأجانب العهد الجديد استقبالًا لا بأس به، ولم يحملوا على الجيش الذي "قوى ما في مصر من رأي عام" وأملوا في أن يقضي العهد الجديد على مساوئ الحكم التي تفشت في البلاد، وطلبوا الصبر والأناة من أصحاب الديون حتى تتم الحكومة الشريفية إصلاحاتها فتصبح حقيقة واقعة لا خرافة طالما تشدق بها دعاة الاستبداد3.
وقد استقبلت الصحافة الوزارة الشريفية استقبالًا حسنًا جدًّا فقد جاءت