فشاور فيهم الناس. فقال لعلي: ما ترى؟ قال: أرى أنهم شرَّعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه، فإن زعموا أنها حلال فاقتلهم، فقد أحلوا ما حرَّم الله، وإن زعموا أنها حرام، فاجلدهم ثمانين ثمانين، فقد افتروا على الله الكذب، وقد أخبرنا الله بحد ما يَفتري به بعضنا على بعض.
فجلدهم ثمانين ثمانين.
وحتى نفهم المقصودين بالآية نستحضر سبب نزولها:
روى الترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: مات رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تُحرم الخمر، فلما حرمت الخمر قال رجال: كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربون الخمر؟ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا}.
فهذه الآية تنفي الإِثم والجُناح عن الذين كانوا يشربون الخمر وماتوا قبل تحريمها، وليس الذين شربوا الخمر بعد تحريمها.
روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد وغيرهم، عن قيس بن أبي حازم قال: "قام أبو بكر الصديق، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، لا يَضُركُمْ مَنْ ضَل إِذا اهْتَديْتُمْ} وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ".