الشائن. لكنها تنطبق على كل من فعل ذلك الفعل اليهودي الماكر، في أي زمان ومكان.
إن كل من كتم العلم والحق، وظنَّ أنه ذكي فطن، تشمله الآية في وعيدها له بالعذاب، وإن كل من سُئل عن علم فكتمه هرباً من دفع ضريبته، ولم يبيِّنه للناس، بل اشترى به ثمناً قليلاً تشمله بالوعيد، وإن كل من أصدر الفتاوى الباطلة، والتصريحات الضالة، ووقف المواقف المشبوهة الجبانة، تشمله الآية بوعيدها، ولو زعم أنه مسلم.
أورد السيوطي في الدر المنثور، رواية أخرجها ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محارب بن دثار: أن ناساً شربوا الخمر بالشام، فقال لهم يزيد بن أبي سفيان (الوالي على الشام قبل أخيه معاوية) شربتم الخمر؟ قالوا: نعم. لقول الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا}.
فكتب فيهم إلى عمر، فكتب عمر إليه: إن أتاك كتابي هذا نهاراً فلا تُنْظِرْ بهم إلى الليل، وإن أتاك ليلاً فلا تُنْظِرْ بهم إلى النهار، حتى تبعث بهم إليَّ لا يفتنوا عباد الله.
فبعث بهم إلى عمر، فلما قدموا على عمر قال: شربتم الخمر؟ قالوا: نعم. فتلا عليهم: {إِنَّما الخَمْرُ والمَيْسِر ... }. فقالوا: اقرأ التي بعدها: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}.