وفي الصَّحيحَينِ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ في خُطْبةِ الوَداعِ: ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ)) الحديثَ.

ثانِياً: الحاجِيَّةُ: وهي الأَمْرُ الَّذي يَفتَقِرُ إليه النَّاسُ مِن حيثُ التَّوسِعَةُ ورَفْعِ الحَرَجِ والضِّيقِ اللَّاحِقَينِ بِالإنسانِ.

قالَ الشَّاطِبِيُّ: فَمعْناها أنَّها مُفْتقَرٌ إليها مِن حيثُ التَّوسِعةُ ورَفْعِ الضِّيقِ المُؤَدِّي في الغَالِبِ إلى الحَرَجِ والمَشقَّةِ الَّلاحِقَةِ بِفَوتِ المَطلوبِ، فإذا لَمْ تُراعَ دخَلَ على المُكَلَّفينَ ـ على الجُمْلَةِ ـ الحَرَجُ والمَشقَّةُ ولكِنَّه لا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الفَسادِ العادِي المُتَوقَّعِ في المَصالحِ العامَّةِ. اهـ.

وذلكَ كالبَيعِ والإِجارَةِ والمُضارَبَةِ والمُساقاةِ وغيرِها، لأِنَّ مالِكَ الشَّيءِ قدْ لا يهَبُهُ فيحتاجُ إلى شِرائِهِ، ولا يُعِيرُهُ فيَحتاجُ إلى اسْتِئْجارِه، وليسَ كُلُّ ذِي مالٍ يُحْسِنُ التِّجارَةَ فيَحتاجُ إلى مَن يَعملُ له في مالِه، وليسَ كُلُّ مالكِ شَجَرٍ يُحْسِنُ القِيامَ على شَجَرِهِ فيَحتاجُ إلى مَن يُساقِيهِ علَيهِ.

قالَ الآمِدِيُّ: وهذا القِسمُ في الرُّْتبَةِ دُونَ القِسمِ الأَوَّلِ ـ أي: الضَّرُورِي ـ ولِهذا جازَ اخْتِلافُ الشَّرائِعِ فيه دُونَ القِسمِ الأَوَّلِ اهـ.

ثالِثاً التَّحْسِينيَّةُ: وهي الَّتي تَقتَضِيها المُرُوءَةُ ومَكارِمُ الأَخْلاقِ ومَحاسِنُ العاداتِ بحيثُ لَو فُقِدَتِ المَصلحةُ التَّحْسينيةُ لا يَختلُّ بِفُقْدانِها نِظامُ الحَياةِ كما هو الحالُ في المَصلحةِ الضَّرُوريَّةِ، ولا يَدخُلُ على المُكَلَّفِ حَرَجٌ وضِيقٌ بِفَوَاتِها كما في المَصلَحةِ الحاجيَّةِ، ولكنْ بِفَواتِها تَكونُ الحَياةُ مُستَنْكَرَةً عندَ ذَوِي العُقولِ وأصْحابِ الفِطْرَةِ السَّليمةِ، فالعَملُ بِالمَصلحةِ التَّحسِينيَّةِ يَرجِعُ إلى مَكارِمِ الأَخْلاقِ ومَحاسِنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015