العاداتِ.
قالَ الإِمامُ الرَّازِيُّ: هي تَقريرُ النَّاسِ على مَكارِمِ الأَخْلاقِ ومَحاسِنِ الشِّيَمِ، وقدْ سمَّاها القَرَافِيُّ بِما هُو مَحَلُّ التَّتِمَّاتِ لأنَّه تَتِمَّةُ المَصالحِ.
النَّوعُ الثَّاني: المَصالِحُ المُلْغاةُ: وهي كُلُّ مَصْلحةٍ عُلِمَ مِن الشَّارِعِ عَدَمُ اعْتِبارِها وشّهِدَ لها بالبُطْلانِ والإِلْغاءِ لِما فيها مِن تَحُقُّقِ الضَّررِ، ولَو تَوَهَّمَ الإنسانُ أنَّ فيها مَصلحةً سَواءٌ أكانَ ضَرَرُها واضِحاً أمْ أنَّها تُؤَدِّي إلى ضَرَرٍ لاحِقٍ أوْ لا يُدْرَكُ ضَررُها إلاَّ بِالنَّظَرِ والفِكْرِ.
مِثالُه: فَتْوَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى ـ صاحِبِ الإِمامِ مالكٍ وعالِمِ الأَندَلُسِ ـ لِعَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيِّ ـ المَعْرُوفِ بالمُرْتَضَى، صاحِبِ الأَنْدَلُسِ ـ حيثُ جامَعَ في نَهارِ رمضانَ فأَفْتاهُ بِإيجابِ صيامِ شَهْرَينِ مُتَتابِعَينِ ابْتِداءً، كَفَّارَةً لِجِنايَتِهِ على الصَّومِ، فأنْكَرَ عليه العُلماءُ ذلكَ فعَلَّلَ ذلكَ بأنَّه لَو أفْتاهُ بِالإعْتاقِ أوِ الإِطْعامِ ابْتِداءً لَسَهُلَ عليه ذلكَ لاِتِّساعِ مالِه ولاَنْتَهكَ حُرْمَةَ الشَّرعِ كُلَّما شاءَ، فكانتِ المَصْلَحةُ في إيجابِ الصَّومِ ليَنْزَجِرَ، فهذا وإنْ كانَ مُناسِباً إلاَّ أنَّ الشَّرْعَ ألْغاهُ حيثُ أثبَتَ التَّخْييرَ بينَ الصَّوم أوِ الإِطْعامِ أوِ الإِعْتاقِ، وهذا النَّوعُ لا تُبْنَى عليه الأَحكامُ ولا يَصحُّ التَّعليلُ بِه.
النَّوعُ الثَّالثُ: وهي المَصالِحُ الَّتي سَكتَ الشَّارعُ عنها، فلَمْ يَشْهَدْ لها بِالاعْتِبارِ