الشَّارعُ عَينَها في عَينِ الحُكمِ بِنصٍّ أوْ إِجْماعٍ، وإلى مَصلحةٍ مُلائِمَةٍ وهي الَّتي اعْتبَرَ الشَّارعُ عَينَها في جِنسِ الحُكْمِ، أوْ جِنسَها في عَينِ الحُكمِ، أو جِنسَها في جِنسِ الحُكمِ وهي دُونَ المَصلحةِ المُؤَثِّرَةِ.
وتنْقَسِمُ المَصلحةُ المُعْتبَرَةُ بِحَسَبِ قُوَّتِها في ذَاتِها؛ أوْ بِالنِّسبَةِ لِحاجَةِ الإنْسانِ إليها إلى: ضَرُورِيَّةٍ، حاجِيَّةٍ، تَحْسِينيَّةٍ.
أوَّلاً: الضَّرُورِيَّةُ: وهي ما لاَ بُدَّ مِنها في قِيامِ مَصالحِ الدِّينِ والدُّنْيا بِحيثُ إذا فُقِدَتْ لَمْ تَجْرِ َمصالحُ الدُّنيا على اسْتِقامَةٍ، بَلْ على فَسادٍ وتَهارُجٍ وفَوتِ حَياةٍ، وفي الآخِرَةِ فَوتِ النَّجاةِ والنَّعيمِ والرُّجُوعِ بالخُسْرانِ المُبينِ.
فَهي الَّتي تَتََضمَّنُ حِفْظَ مَقْصودٍ مِن المَقاصدِ الخَمْسةِ وهي: حِفْظُ الدِّينِ بِشَرْعِيَّةِ القَتْلِ والقِتالِ، فالقَتلُ للرِّدَّةِ وغيرِها مِن مُوجِباتِ القَتلِ لأِجْلِ مَصلحةِ الدِّينِ، والقِتالُ في جِهادِ أهلِ الحَرْبِ، وحِفظُ النَّفسِ بِشَرعِيَّةِ القِصاصِ، وحِفظُ العَقْلِ بِشرعِيَّةِ الحَدِّ على شُرْبِ المُسْكِرِ، وحِفظُ النَّسلِ بِتَحْريمِ الزِّنا وإِيجابِ العُقوبَةِ عليه، وحِفظُ المَالِ بِإيجابِ الضَّمانِ على المُتَعَدِّي فيهِ، وبِالقَطعِ في السَّرِقَةِ، وهي المَجْموعَةُ في قولِه تعالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنُّ وَلاَ يَاتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} الآيَةُ.
وزَادَ الطُّوفِيُّ الحَنْبَلِيُّ وتَبِعَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ سادِساً، وهو حِفظُ الأَعْراضِ، فإنَّ عادَةَ العُقلاءِ بَذْلُ نُفوسِهمْ وأَمْوالِهمْ دُونَ أعْراضِهمْ، وما فُدِيَ بِالضَّرورِيِّ أوْلى أنْ يكونَ ضَرُورِيًّا.