الَّذي يترتَّبُ على شَرْعِ الحُكْمِ عندَه جَلْبُ مصْلحةٍ مقصُودَةٍ للشَّارعِ أو دفْعُ مضرَّةٍ.
وهذا إذا اعتبرْناهُ تعْريفاً للْمَصْلَحةِ، يكونُ تعرِيفاً لها بالفِعْلِ الَّذي اشْتملَ عليها، فهوَ مِن بابِ إِطلاقِ السَّببِ وإرادةِ المُسَبَّبِ، ومِنه تعْريفُ الإمامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ المصْلحةَ بالفِعْلِ الَّذي يجْلِبُ مَنفعَةً راجِحَةً ولمْ يرِدْ في الشَّرْعِ ما ينفِيهِ.
المَوضُوعُ= الثَّانِي: عندَ الكَلامِ عنها بِاعتِبارِها دليلاً شرْعيًّا فقالوا: المصْلَحةُ في الأصْلِ عِبارةٌ عن جلْبِ منفَعَةٍ أوْ دفْعِ مَضرَّةٍ.
فالمصْلَحةُ تُطلَقُ على المَنفَعَةِ أوْ دفْعِ المَضرَّة كما تُطلَقُ على المُناسِبِ، كما أشارَ إلى ذلكَ الغَزَالِيُّ في تعريفِه، قالَ: ونَعْنِي بها ـ أي المصْلحةِ ـ المُناسِبَ المُخَيَّلَّ، وهذا مواِفقٌ لمَعْناها في اللُّغَةِ، فقدْ سبَقَ أنَّ المَصْلحةَ تُطلَقُ على المَنفَعةِ حقيقَةً وعلى السَّبَبِ المُؤَدِّي لها مَجازاً، ولمَّا كانتِ المصلحةُ نقِيضَ المَفْسدَةِ كان دفْعُ المَفْسَدةِ مصْلَحةً أيضاً، ولِهذا جاءَ في تعْريفِها: جلْبُ منْفَعةٍ أوْ دفْعُ مضَرَّةٍ.
وقدْ قسَّموا المَصْلحةَ والمَفْسدَةَ إلى: نفْسِيٍّ، وبدَنِيٍّ، ودُنْيَوِيٍّ، وأُخْرَوِيٍّ، ومثَّلُوا لِلْمصلَحةِ بالمَلَذَّاتِ وأسْبابِها، ولِلمَفْسدَةِ بالآلاَمِ وأسْبابِها.
قالَ العِزُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: المَصالِحُ أرْبعَةُ أنْواعٍ: اللَّذَّاتُ وأسْبابُها، والأَفْراحُ وأسْبابُها، والمَفاسِدُ أرْبعَةُ أنْواعٍ: الآلاَمُ وأسْبابُها، والغُمُومُ وأسْبابُها، وهي مُنقسِمَةٌ إلى دُنْيَوِيَّةٍ وأُخْرَوِيَّةٍ، فأمَّا لذَّاتُ الدُّنيا وأسْبابُها، وأفْراحُها وأسبابُها، وآلامُها وأسبابُها، وغُمومُها وأسبابُها، فمَعْلومَةٌ بالعاداتِ، ومِن أفْضَلِ لذَّاتِ الدُّنْيا لذَّاتُ المَعارِفِ، وأمَّا لذَّاتُ الآخِرَةِ وأسْبابُها، وأفْراحُها وأسْبابُها وآلامُها وأسْبابُها، وغُمومُها وأسبابُها، فقدْ دَلَّ عليه الوَعِيدُ والزَّجْرُ والتَّهديدُ، وأمَّا اللَّذَّاتُ فمِثْلَ قوْلِه