أثره) أي: التكليف، أي حالة اتصال الخطاب به، ولا يتوقف علمه بذلك على مضي زمن يمكن فيه الامتثال، وأتى بذلك لينبه على قصور عبارة المختصر، فإنَّه نصب الخلاف في الصحة، وهو في الحقيقة خلاف في تحقيق الوجوب على المكلف، ولهذا ترجم الأكثرون المسألة: أنه هل يعلم المأمور كونه مأموراً قبل التمكن من الامتثال أو لا، حتى يمضي عليه زمن الإمكان.

قال: فالفعل الممكن بذاته، إذا أمر الله به عبده فسمع الأمر في زمن لم يفهمه في زمن يليه، هل يعلم إذ ذاك أنه مأمور، معَ أن من الجائز أن يقطعه عن الفعل قاطع: عجز أو موت، أو يكون شاكاً في ذلك؛ لأنَّ التكليف مشروط بسلامة العاقبة وهو لا يتحققها؟ أصحابنا على الأول، فيرون تخفيفاً مستفاداً من صيغة الأمر، وإنما الشك من رافع يرفعه المستقر، والقوم على العكس، قالَ: ويلزمهم ألا يوجد منه عبادة لحصول الشك، فلا يصح لهم عمل، وأقول هنا مسألتان.

إحداهما: بالنسبة إلى المأمور، أن الأمر إذا اتصل به ولا مانع، فيعلم علماً قطعياً، أنه مأمور في الحال، وكذا في الأزمنة المستقبلة بشرط بقائه على صيغة التكليف، وقالت المعتزلة: لا يصح علمه بتوجه الأمر عليه إلا بعد الامتثال، أو مضي زمن يسعه معَ تركه.

الثانية: بالنسبة إلى الأمر، هل يصح ورود الأمر المقيد بشرط علم الآمر عدم وقوعه؟ وهي مبنية على ما قبلها، فمن قالَ: إن الآمر يعلم كونه مأموراً قبل التمكن، جوز وروده، ومن لم يقل به لم يَجُوزه إلا أن الخلاف هنا لا يختص بما علم عدم وقوعه، بل يجري خلاف المعتزلة في المعلوم الوقوع أيضاًً، فحاصل مذهبهم: إحالة تصور الأمر بشرط في حق الله تعالى، سواء علم وقوعه، أو عدم وقوعه، فظهر بذلك قصور عبارة ابن الحاجب والمصنف وغيرهما، حيث ترجموا المسألة ببعض أفرادها، فأوهموا موافقتهم في معلوم الوقوع، ولزم من ذلك نسبة ابن الحاجب للتناقض حيث ادعى الإجماع في خلاف المعلوم، أنه يصح التكليف به، وهنا حكى الخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015