واختاره الغزالي في المنخول، وهو في الحقيقة تنقيح مناط، ففي جعل المصنف له مذهباً رابعاً، نظر، ولهذا قالَ ابن برهان: الخلاف على هذا لفظي، بخلافه على قول المعتزلة، ومن ثمَّ حاول بعض المتأخرين نفي الجواز عن الأشعري، وزعم أن الذي جوزه ورود صيغة مضاهية لصيغة الأمر والغرض منها تعجيز وتبيين حلول العقاب الذي لا محيص عنه وليس المراد طلباً واقتضاء ويخرج مما ذكرناه مناقشات على كلام المصنف ونزيد هنا أمرين.
أحدهما: قوله: (ما ليس ممتنعاً، لتعلق العلم بعدمه) أي: هذا موضع النزاع، أمَّا الممتنع لذلك فأجمع الكل على جوازه، وهذا تابع فيه ابن الحاجب، وليس بمسلم كما بينته في (الدرر على المنهاج والمختصر) وقد ظن بعضهم أن عبارة المصنف منعكسة، وهو غلط، بل هي الصواب كما بيناه.
ثانيا: لك أن تسأل عن الفرق بينَ المذهب الثاني والثالث وإنهما واحد، وإنما اختلفت العبارة؛ لأنَّ الإيمان من الكفار، الذي علم الله أنهم لا يؤمنون ـ مستحيل، لكن استحالته ليست لذاته بل نظراً لتعلق العلم بالكفر، فهو ممتنع لغيره، ولهذا قالَ المصنف في قول ابن الحاجب: والإجماع على صحة التكليف بما علم الله أنه لا يقع ـ: (إن هذا ضرب من الممتنع لغيره، وحينئذ فيرجع هذا القول إلى التفصيل بينَ الممتنع لذاته ولغيره، وغاية ما يلمح في الفرق بينهما، أن الثالث: يَجُوز الممتنع لغيره