باختلاف المصالح تبعاً لاختلاف الزمان والمكان وتبدل الأشخاص، وهذا أمر مسلم، لأن هذا الاختلاف في الأحكام مبني على اختلاف الأسباب، فتتغير الأحكام بتغير أسبابها، وهذا طريق من طرق صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، فالقول بالمصالح لا ينافي صلاحية الشريعة ولا ينافي عمومها، لأن شرط العمل بها ألا تهجم على نص ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرفع، ومن شروطها أيضاً أن تكون ملائمة لمقصود الشارع، لا تعارض نصوصه وأصوله وقواعده، فالاختلاف في التطبيق لأصل عام من أصول الشريعة، وليس اختلافاً في أصل الخطاب، فالأحكام الشرعية نوعان:
1 - نوع ثابت بالخطاب لا يتغير كالوجوب والحرمة، فالتغير في هذا النوع من الأحكام لا يكون إلا بالنسخ، ونسخ الأحكام لا يكون إلا من الله.
2 - نوع معلق على الأسباب، وهي الأحكام التي ثبتت شرعاً معلقة على أسبابها فهذا النوع من الأحكام يتغير بتغير الأسباب، فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فيتغير بتغير العلة.
قال الشاطبي: اعلم أن ما جرى ذكره هنا من اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد فليس في الحقيقة باختلاف في أصل الخطاب، لأن الشرع موضوع على أنه دائم أبدي لو فرض بقاء الدنيا من غير نهاية، والتكليف، كذلك لم يحتج في الشرع إلى مزيد، وإنما معنى الاختلاف في أن العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إلى أصل شرعي يحكم به عليها.
سادساً: استدل المنكرون سادساً بأن القول بالمصالح المرسلة يؤدي إلى القول بقصور النصوص القرآنية والأحاديث النبوية عن بيان الأحكام الشرعية، وهذا ينافي تبليغ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبليغاً كاملاً، وينافي قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} فالمصالح إما أن تكون معتبرة أو