المعتبرة ويحتمل إلحاقه بالمصالح الملغية، فامتنع الاحتجاج به مع هذا الاحتمال، لأنه ترجيح بدون مرجح.
الجواب: ويجاب عن ذلك بأن التردد في إلحاق المصالح المرسلة بالمصالح المعتبرة أو بالمصالح الملغية ممنوع، لأن التردد إنما كان في أول النظر والبحث عن علة للحكم، لكن بعد وجود أمارات تدل على ترجيح المصلحة على المفسدة وكونها ملائمة لمقصود الشارع يحصل ظن بوجودها وترتيب الحكم عليها، والظن كاف في الأحكام الشرعية العملية، فحينئذ ترجح إلحاقها بالمصالح المعتبرة، ولأنا لو قارنا بين المصالح التي ألغاها الشارع والمصالح التي اعتبرها، وجدنا أن المصالح التي ألغاها الشارع قليلة بالنسبة للمصالح التي اعتبرها فإذا كانت هناك مصلحة لم يقم دليل على اعتبارها أو إلغائها، وكانت ملائمة لتصرفات الشرع كان الظاهر والغالب إلحاقها بالكثير الغالب دون القليل النادر، على أن ما ألغاه الشارع من المصالح لم يلغها إلا إذا ترتب على اعتبارها مفسدة تساويها أو ترجح عليها، وهذا غير متحقق في المصالح المتنازع فيها، لأن جانب المصلحة فيها راجح على جانب المفسدة، فلا يصح إلحاقها بالمصلحة الملغية، ويتعين إلحاقها بالمصالح المعتبرة.
قال البدخشي: لأنه إذا ظن في هذا الحكم مصلحة غالبة على المفسدة، ومعلوم أن كل مصلحة كذلك معتبرة شرعاً ـ لزم ظن أن هذه المصلحة معتبرة والعمل بالظن واجب.
خامساً: استدل المنكرون خامساً بأن القول بالمصالح المرسلة يؤدي إلى اختلاف الأحكام الشرعية تبعاً لاختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فتتبدل الأحكام وتتغير بتبدل المصالح المرسلة وتغيرها تبعاً لاختلافها بتبدل الأشخاص والأزمنة والأمكنة فالقول بها يؤدي إلى تغير أحكام الشريعة كلها، وهذا مناقض لعموم الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
الجواب: ويجاب عن ذلك بأن الأحكام المبنية على المصالح المرسلة تختلف