يعدلُونَ بِهِ عَن ظَاهر جلي إِلَى بَاطِن خَفِي يجلبون بِهِ قُلُوب الأعوام ويعتضدون على نصرته بالغاغة الأشرار فيشعرهم أَنهم أظهرُوا لَهُم الْحق بعد كمونه وأوصلوهم إِلَى مَا اسْتَأْثر الله بِهِ دينه فيصيبوا إِلَيْهِم الغر المختدع ويميل مَعَهم الْجَاهِل المتبع إِلَى أَن يتكاثر جمعهم بخلابة كَلَامهم ولطف بيانهم 62 ب مَعَ أَن لكل جَدِيد لَذَّة وَلكُل مستحدث صبوة وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِن من الْبَيَان لسحرا)
وَقَالَ
(إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي مُنَافِق عليم اللِّسَان)
فَتَصِير الْبدع حِينَئِذٍ فَاشِية ومذاهب الْحق واهية ثمَّ يُفْضِي بهم الْأَمر إِلَى التحزب ويؤول إِلَى التعصب لِأَن لكل مَذْهَب شعارا وَلكُل شعار أنصارا وَلكُل أنصار صولة وَلكُل صولة دولة فَإِذا رَأَوْا ظُهُور شعارهم وَكَثْرَة أنصارهم داخلهم عزة الْقُوَّة ونخوة الْكَثْرَة فتضافر جهال نساكهم وفسقة عُلَمَائهمْ بالميل إِلَى مخالفتهم
فَإِذا استتب ذَلِك لَهُم رابحوا السُّلْطَان فِي رياسته وقبحوا عِنْد الْعَامَّة جميل سيرته فَرُبمَا انفتق مِنْهُ مَا لَا يرتتق فَإِن كبار الْأُمُور تبدو صغَارًا وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
(أهلك أمتِي رجلَانِ عَالم متهتك وجاهل متنسك)