وَقَالَت الْحُكَمَاء

يظنّ بِالْمَرْءِ مَا ظن بقرينه

وَقد يخص الْمُلُوك من هَذَا بِمَا يباينون 62 آبه من سواهُم لخفاء أَحْوَالهم عَن الرّعية فيقضون عَلَيْهِم بِمَا علموه من أَحْوَال بطائنهم

فَإِن استبطنوا الْعلمَاء قضوا عَلَيْهِم بِالْعلمِ وَإِن جهلوا

وَإِن استبطنوا الْجُهَّال قضوا عَلَيْهِم بِالْجَهْلِ وَإِن علمُوا

وليصر بمكانرتهم مستظهرا وبمذاكرتهم مستبصرا وهم أَنْفَع لَهُ فِي دينه ودنياه لأَنهم فِي الدّين دعاة وَفِي الدُّنْيَا هداة مَعَ مَا ينشر من الْفساد بإهمال الْعلمَاء وَترك مُرَاعَاتهمْ وَذَلِكَ أَنهم رُبمَا بعث بَعضهم قلَّة الْمَادَّة وَضعف الْحَال على مُسَامَحَة النَّفس والتبذل وارتكاب الشُّبْهَة

فَإِذا وَافق ذَلِك إِعْرَاض السُّلْطَان عَنْهُم فتحت آثَارهم عِنْد الْعَامَّة وتقاصرت رتبهم عِنْد الْخَاصَّة فهجروا هجر الْأَعْدَاء وزجروا زجر السُّفَهَاء ثمَّ سرى ذَلِك فِي خواصهم ومتصونيهم وَعم فِي خيارهم ومتدينيهم لِأَن نقص الْجِنْس يسري فِيهِ فَذَهَبت بهجة الْعلم وبهاؤه وَقل طلابه وعلماؤه وَصَارَ ذَرِيعَة إِلَى انقراضه ودراسته

ثمَّ لَا يبعد أَن يظْهر أهل نحل مبتدعة ومذاهب مخترعة يزوقون كَلَامهم مموها ويزخرفون مذهبا مشوها لِأَن مَا صَحَّ من الْمذَاهب قد اعْتقد وَمَا سلم مِنْهَا قد اسْتَقر وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(خير الْأُمُور عوازمها وَشر الْأُمُور محدثاتها)

فهم لَا يستحدثون إِلَّا مَا ابتدعوه وَلَا ينصرونه إِلَّا بِمَا اخترعوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015