رغم أنفه.
قال يحيى بن معاذ ابن آدم، مالك تأسف على مفقود لايرده عليك الفوت؟ مالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟
فإذا علم الجازع على المصيبة أن الجزع لا يرد ما فات، وأنه يسر الشامت، فأي عقل لمن لم يتفكر في العاقبة، ويذكر مآله إلى مصيبة أصابت غيره أنها تصيبه في نفسه، وأنه أمر لابد منه فليستعد له.
وكانت امرأة من العابدات بالبصرة، تصاب بالمصائب فلا تجزع، فذكروا لها ذلك، فقالت: ما أصاب بمصيبة فأذكر معها النار، إلا صارت في عيني أصغر من الذباب.
ومما يسلي العبد قول بعض الحكماء: قد مات كل نبي، ومات كل نبيه وفقيه وعالم، فلا تجزع، ولا يوحشنك طريق الخلائف فيها.
وقال بعض السلف، وقد سأله رجل، فقال: عظني، فقال: انظر منك إلى آدم.
هل ترى عيناً تطرف؟ فقال: حسبك.
،
ومما يسلي أهل المصائب: أن المصاب إذا صبر واحتسب، وركن إلى كريم، رجاء أن يخلف الله تعالى عليه، ويعوضه عن مصابه، فإن الله تعالى لا يخيبه بل يعوضه، فإنه من كل شيء عوض إلا الله تعالى فما عوض، كما قيل:
من كل شيء إذا ضيعته عوض ...
... وما من الله إن ضيعته عوض
بل يعلم أن حظه من المصيبة ما يحدث له، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط.
فاختر لنفسك خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطاً وكفراً كنت في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جذعاً وتفريطاً في ترك واجب أو فعل محرم كنت في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر