الله عنه ـ: أما أنا، فلا أقول هذا، ولكن أقول كما قال العبد الصالح أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ اللهم طعناً وطاعوناً في مرضاتك.
وقام أبو عبيدة خطيباً فقال: يا أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم: ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله العظيم أن يقسم له من حظه.
قال: فطعن، فمات.
وثبت في مسند الإمام أحمد، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون» .
وغير ذلك من الأحاديث والآثار، التي لا تحضرني، وقد قررت ذلك في كتابنا المعروف ب أحكام الطاعون.
ولكنه لم يكن عندي حين ألفت هذا الكتاب، فإن قيل: الشهادة المطلوبة شهادة المعركة، وكذلك شهادة الطاعون، كما تقدم.
وقد ورد في بعض الأحاديث، «أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من بعض ما عده شهادة، ففي مسند الإمام أحمد مرفوعاً: استعاذ من سبع موتات: من موت الفجأة، ومن لدغ الحية ومن السبع، ومن الغرق، ومن الحرق، ومن أن يخر على شيء، أو يخر عليه شيء، ومن الفرار من الزحف» .
«وفي المسند أيضاً مرفوعاً: اللهم إني أعوذ بك أن أموت هماً أو غماً، وأن أموت غرقاً، وأن يتخبطني الشيطان عند الموت» .
و «رواه النسائي، ولفظه: اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي، والهم، والغم، والغرق، والحرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت بك لديغاً» .
وغير ذلك من الأحاديث.
يقال: لم يقل أحد من العلماء: إن كل شهادة مطلوبة، بل من وقع له أو لمحبوبه أو لغيره شيء، مما عده النبي صلى الله عليه وسلم شهادة،، والشهيد ثلاثة أقسام:
أحدها: شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المنقول في المعركة مخلصاً.
والثاني: شهيد في الدنيا والآخرة فقط، وهو المقتول في المعركة مرائياً.
والثالث: الشهيد في الآخرة فقط، وهو من أثبت له الشارع الشهادة، ولم يجر عليها أحكامها في الدنيا، كالغريق والحريق ومن به ذات الجنب، ونحوه، كما تقدم.
فإن قيل: لم سمي الشهيد شهيداً؟
قيل: قد اختلف العلماء في ذلك على أقوال: