من رجل يمر بقبر أخيه، كان يعرفه في الدنيا، فسلم إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام» فهذه إعادة الروح إلى الجسد أيضاً غير الإعادة المألوفة في الدنيا لأجل رد السلام، بل لو سلم على الميت في الليل والنهار مراراً عديدة، عادت روحه لرد السلام ولا يلزم من ذلك أن يحيا الحياة المعروفة.
وقوله: الحديث لا يصح، لتفرد المنهال بن عمرو به، فهذه مجازفة، فإن ما قيل فيه، قال أحمد تركه شعبة.
هذا مضمون ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الكلام على الرجال، ولم يذكر أن أحداً رد شهادته، والحديث صحيح لا شك فيه، وقد رواه عن البراء بن عازب جماعة غير المنهال، منهم عدي بن ثابت، ومحمد بن عقبة، ومجاهد، وغيرهم.
قال العلامة بن القيم ـ رحمه الله ـ: الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق، متغايرة الأحكام:
أحدهما: تعلقها به في بطن الأم.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه.
الرابع: تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه، فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً بحيث لا يبقى لها التفات إليه، بل تعاد إليه وقت المسألة، وترد إليه أيضاً وقت سلام المسلم، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب إعادة البدن قبل القيامة.
الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد.
وهو أكمل تعلقها به، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق البتة، إذ هو تعلق لا يقبل البدن موتاً ولا نوماً ولا فساداً، والله أعلم.
انتهى كلامه.
فهذا العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ قد كفانا مؤنة الرد بلا تكلف.