مسمى ـ وهو يوم القيامة ـ وأخبر يوم بدر، إذ خاطب الموتى، أنهم قد سمعوا قوله قبل أن يكون لهم قبور، ولم ينكر على الصحابة قولهم قد جيفوا.
واعلم أنهم سامعون قوله مع ذلك، فصح أن الخطاب والسماع لأرواحهم بلا شك، وأما الجسد فلا حس له.
وقد قال تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} فنفى السمع عمن في القبور وهي أجساد، ولم يات قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر صحيح، أن أرواح الموتى ترد إلى أجسادهم عند المسألة، ولو صح ذلك عنه لقلنا به، وإنما هذه رواية شاذة عن المنهال بن عمرو وحده، وليس بالقوي، تركه شعبة وغيره.
وقال جماعة من الحفاظ: ما جازت للمنهال شهادة في الإسلام قط.
انتهى كلامه.
فهذا مضمون ما ذكره.
ومن اطلع على ما قدمته من أحاديث، وآمن بها وصدقها، فليحمد الله تعالى على التوفيق لذلك، فإنه لو لم تكن هذه الأحاديث، كان إجماع الناس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على إعادة الروح في الجسد لأجل المسألة، فكيف وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ! بل قد كفانا الرسول صلى الله عليه وسلم أمر هذه المسالة وأغنانا عن أقوال الناس، حيث صرح بإعادة الروح إليه، وما كان يليق بأبي محمد بن حزم أن يجازف هذه المجازفة، وأن يقول القول بهذا الخطأ: فجوابه مردود بالنصوص الصريحة المتقدم ذكرها، وهو «قوله صلى الله عليه وسلم: فتعاد روحه في جسده» ، بل لقد قيل: إن هذا إجماع الأمة على هذا، وأنهم تلقوه بالقبول، وأنهم مجمعون على: من رد ذلك وأنكره، إنه مخطىء، وأن تصديق ذلك من الإيمان بالبعث.
ولكن إن أراد ابن حزم أن الميت لا يحيا في قبره الحياة المعهودة في الدنيا، التي يقوم فيها الروح بالبدن وتدبره وتصرفه، ويحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس، فهذا صحيح، يشهد العقل بصحة ذلك، وإن أراد به حياة أخرى غير هذه الحياة، بل تعاد الروح إليه غير الإعادة المألوفة في الدنيا، لأجل المسألة والامتحان، كما وردت بذلك النصوص الصحيحة، فهذا حق، ونفيه خطأ بين، بل نفيه باطل قادح فيمن نفاه، بل قد ورد في سنن أبي داود مرفوعاً «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما