يأكل أو يشرب، فيستيقظ وهو يجد أثر الطعام والشراب في فيه، وأعجب من ذلك أنك ترى النائم يقوم في حال نومه، ويبطش ويضرب في الهواء، أو يدافع عن نفسه، وربما صرخ بأعلى صوته، كأنه يقظان، وهو لا شعور له بشيء من ذلك، لأن الروح استعانت بالبدن، ولو دخلت فيه لاستيقظ، وإنما مثلت لك ذلك حتى تعلم صحة ما ذكرته لك في أول هذا الفصل، والله أعلم.
وينبغي للعبد، إذا تفكر بعين بصيرته، وعلم ماله إلى هذه الحفرة، وما أعد له فيها، في العبادة، ويكثر من الأعمال الصالحة، ويعلم أن عمله يعرض على أقاربه من الأموات، كما ورد في الخبر، «من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيراً استبشروا، وإن كان غير ذلك، قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا» .
رواه الإمام أحمد في مسنده.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده «عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم، فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور» .
فكان أبو الدرداء يقول: اللهم أعوذ بك أن أعمل عملاً أخزى به عند عبد الله بن رواحة، فنعوذ بالله من الافتضاح بين الأقارب الصلحاء أهل طاعة الله تعالى، ثم نعوذ بالله من الافتضاح غداً، بين يدي أحكم الحاكمين، على رؤوس الخلائق، بل نسأل الله تعالى التوفيق لما يحبه ويرضاه.
قال مجاهد: إنه ليبشر المؤمن بصلاح ولده من بعده، لتقر بذلك عينه.
وأما تلقين الصغار، فقد قال الإمام أبو عمر وبن الصلاح: أما تلقين الطفل الرضيع، فما له مستند يعتمد عليه، ولا نراه، والله أعلم.
وقال النووي رحمه الله: الصواب أنه لا يلقن الصغير، سواء كان رضيعاً أو أكبر منه، ما لم يبلغ، إذ يصير مكلفاً، والله أعلم.