وقمنا ناحية، فلما فرغ الناس من دفنه جئنا إلى القبر، فجلس ووضع يده على القبر وقال: اللهم، إنك قلت في كتابك: {فأما إن كان من المقربين} فقرأ إلى آخر السورة، اللهم، وإنا نشهد أن هذا فلان بن فلان ما كذب بك، ولقد كان يؤمن بك وبرسولك، اللهم، فاقبل شهادتنا له، ودعا له، ثم انصرف.
وهذه مسألة لا تكاد تظفر بها في كتاب مشهور، لغرابتها، فذكر ابن تميم في كتابه، فذكر وصول الثواب إلى الميت، قال: وفي الحي وجهان.
وذكر لي بعض فضلاء الحنفية، أن وصول القرب إلى الحي مذهبهم، والدليل على الوصول قوله تعالى: {فاعف عنهم واستغفر لهم} ، «وأيضاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون، مازال يدعو بعضهم لبعض عموماً وخصوصاً، لأحيائهم وأمواتهم، من غير نكير، ولأنه مشروع في دعاء الميت إلى يوم القيامة في قوله: اللهم اغفر لحينا وميتنا» .
قال القاضي أبو يعلى: وليس يعرف عن الإمام أحمد رواية في الفرق بين الحي والميت، بل ظاهر قوله يعمهما، وقد دل عليه الكتاب والسنة في الدعاء والاستغفار للتساوي فلا فرق.
وقال الشيخ شمس الدين بن عبد القوي في مجمع البحرين: هذا ليس له نكير، فهو إجماع، ولا شبهة لمن قال بعدم الجواز.
انتهى كلامه.
وقال ابن عقيل في المفردات: إن القراءة ونحوها لا تصل إلى الحي، فإنه يفتح مفسدة عظيمة، فإن الأغنياء يتكلمون عن الأعمال ببذل الأموال التي تسهل لمن ينوب عنهم، فيفوتهم أسباب الثواب بالاتكال على الثواب، وتخرج أعمال