ومن الأدلة المستحسنة، «قوله صلى الله عليه وسلم في الأضحية لما ضحى بكبشين، فلما ذبح أحدهما، قال: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عن محمد وآل محمد، ولما ذبح الثاني، قال: اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي» .
وفي رواية ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موسومين، فذبح أحدهما عن محمد وآل محمد، وذبح الآخر عن أمته وعمن شهد له بالبلاغ، ففيه دليل على أن النفع قد نال الأحياء والأموات من أمته بأضحيته صلى الله عليه وسلم، وإلا لم يكن في ذلك فائدة، فإنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى.
«وقال للذي قضى الدين عن الميت: الآن بردت عليه جلدته» .
«وحديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما، فكان لا يستتر من البول ـ وفي قول لا يستنزه من البول ـ أما الآخر، فكان يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة رطبة، فشقها نصفين، ثم غرس على كل قبر واحدة.
وقال: إنه ليخفف عنهما ما لم ييبسا» .
قال الخطابي: هذا عند أهل العلم، محمول على أن الأشياء، ما دامت على أصل خلقتها أو خضرتها وطراوتها، فإنها تسبح الله عز وجل، حتى تجف رطوبتها، أو تحول خضرتها، أو تقطع من أصلها، فإذا خفف عن الميت بوضعه صلى الله عليه وسلم الجريدة على قبره، لكونها تسبح الله، فبطريق الأولى والأحرى أن تخفف القرب على اختلاف أسبابها، وإن أعظم القرب كلام رب العالمين، الذي نزل به الروح الأمين، على قلب أشرف المرسلين، وقد أوصى بريدة ـ رضي الله عنه ـ أن يجعل جريدة على قبره، ذكره البخاري.
وقد استحب ذلك جماعة من العلماء من أصحابنا وغيرهم، وأنكره آخرون.
وقال الشيخ محي الدين النووي في شرح مسلم: ذكر أن العلماء استحبوا القراءة، لخبر الجريدة، لأنه إذا أرجي التخفيف لتنسبيحها، فالقراءة أولى.
انتهى كلامه.