وقد اختلف العلماء في هذا الباب اختلافاً كثيراً، وتباينوا فيه تبايناً شديداً، فذهب بعض العلماء إلى أنه يثاب على كل مصيبة، وذهب طائفة أخرى من العلماء إلى أنه لا يثاب على المصائب مطلقاً، وإنما يثاب على الصبر عليها، حتى قطع به ابن عبد السلام في قواعده، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء إلى أن إطلاق القول بالثواب، كلاهما يرد عليه ما يدفعه، وأن ثم فرقاً مؤثراً نذكره فيما بعد، إن شاء الله.
وقد احتجت كل طائفة بظواهر مرجحة لما ذهبت إليه كما سنذكره بعد.
احتجت طائفة من العلماء إلى أنه يثاب على كل مصيبة بقوله تعالى: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح..
} الآية.
وفي الصحيحين، «عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه» ، الوصب: الوجع اللازم، ومنه قوله تعالى: {ولهم عذاب واصب} أي لازم ثابت، والنصب: التعب.
وروى الحاكم في المستدرك «أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المصاب من حرم الثواب» .
وروى ابن ماجة «من حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الزهادة في الدنيا، بتحريم الحلال ولا بإضاعته، ولكن الزهادة في الدنيا، أن