قال يونس بن زيد: سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ما منتهى الصبر؟ قال: أن يكون يوم تصيبه المصيبة مثله قبل أن تصيبه.

وقال قيس بن الحجاج في قوله تعالى: {فاصبر صبراً جميلاً} .

قال: أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو.

وذكر أبو الفرج بن الجوزي في عيون الحكايات: قال الأصمعي: خرجت أنا وصديق لي إلى البادية، فضللنا الطريق، فإذا نحن بخيمة عن يمين الطريق، فقصدناها، فسلمنا، فإذا امرأة ترد علينا السلام، قالت: ما أنتم؟ قلنا: قوم ضالون عن الطريق، أتيناكم فأنسنا بكم، فقالت: يا هؤلاء ولو وجوهكم عني.

حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل، ففعلنا، فألقت لنا مسحاً، فقالت: اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة وتردها، إلى أن رفعتها، فقالت: أسأل الله بركة المقبل، أما البعير فبعير ابني، وأما الراكب فليس بابني، فوقف الراكب عليها، فقال: يا أم عقيل، أعظم الله أجرك في عقيل، قالت: ويحك! مات ابني؟ قال: نعم، قالت: وما سبب موته؟ قال: ازدحمت عليه الإبل، فرمت به في البئر، فقالت: انزل فاقض ذمام القوم، ودفعت إليه كبشاً، فذبحه وأصلحه، وقرب إلينا الطعام، فجعلنا نأكل ونتعجب من صبرها، فلما فرغنا، خرجت إلينا وقد تكورت، فقالت: يا هؤلاء، هل فيكم من أحد يحسن من كتاب الله شيئاً؟ قلت: نعم، قالت: اقرأ من كتاب الله آيات أتعزى بها، قلت: يقول الله عز وجل في كتابه: {وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} قالت: آلله، إنها لفي كتاب الله هكذا؟ قلت: آلله، إنها لفي كتاب الله هكذا! قالت: السلام عليكم، ثم صفت قدميها، وصلت ركعات، ثم قالت: {إنا لله وإنا إليه راجعون} عند الله أحتسب عقيلاً، تقول ذلك ثلاثاً، اللهم إني فعلت ما أمرتني به، فأنجز لي ما وعدتني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015