استرجاعاً وصبراً، ماله عند الله من الأجر كلما ذكرها واسترجع.
قال الإمام أحمد في مسنده: «ثنا يزيد وعباد بن عباد، قالا: حدثنا هشام ابن أبي هشام، ثنا عباد ابن زياد، عن أمه، عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين ابن علي ـ رضي الله عنهما ـ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم ولا مسلمة، يصاب بمصيبة، فيذكرها وإن طال عهدها ـ قال عباد: قدم عهدها ـ فيحدث لذلك استرجاعاً، إلا جدد الله له عنه ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها» ، ورواه ابن ماجة من حديث «فاطمة بنت الحسين أيضاً ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فليحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها، كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب» لكن في اسناده مقال.
قال سعيد بن جبير: ما أعطي أحد في المصيبة ما أعطي هذه الأمة ـ يعني {إنا لله وإنا إليه راجعون} ـ ولو أعطي أحد لأعطي نبي الله يعقوب عليه السلام، ألم تسمع إلى قوله في فقد يوسف: {يا أسفى على يوسف} ، أولئك ـ أصحاب هذه الصفة ـ {عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} .
ومن تسلية أهل المصائب: أن ينظر المصاب ويفرق بين أعظم اللذتين والتمتعين: تمتع الحياة الدنيا الفانية، وتمتع الدار الآخرة الباقية، وأدومهما لذة وتمتعاً بما أصيب به، ولذة تمتعه بثواب الله له على قوله وفعله من استرجاع وصبر ونحوه، فإن ظهر له الرجحان، فآثر الراجح، فليحمد الله على توفيقه له، وإن آثر المرجوح من كل وجه، فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه، أعظم من مصيبته التي أصيب بها في دنياه.
وأي نسبة بين تمتعه بمحبوبه في هذه الدار التي قال الله تعالى في حقها من أولها إلى آخرها: {قل متاع الدنيا قليل} ، وأي شيء حصل له من القليل؟ فمن آثر جزءاً قليلاً من قليل ينفد، على جزء كثير من