محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} الآية، {أفإن مات} شرط {أو قتل} عطف عليه، والجواب: {انقلبتم} ودخل ألف الاستفهام على حرف الجر، لأن الشرط قد انعقد به، وصار جملة واحدة، وخبراً واحداً، والمعنى: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل؟ يقال لمن عاد إلى ما كان عليه، انقلب على عقبيه، وقيل: المعنى فعلتم فعل المرتدين، ومنه انقلب على عقبيه، وقول أنس وقد تقدم.
وروى ابن ماجه، من حديث أم سلمة ـ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت: كان الناس، علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام المصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر ـرضي الله عنه ـ فكان الناس، فإذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فتوفي أبو بكر وكان ـ عمر ـ رضي الله عنه ـ فكان الناس، إذا قام أحدهم يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فكان عثمان ـ رضي الله عنه ـ فكانت الفتنة، فتلفت الناس في الصلاة يميناً وشمالاً.
وإسناده مقارب.
والمقصود أن المصائب تتفاوت، فأعظمها المصيبة في الدين ـ نعوذ بالله من ذلك ـ هي أعظم من كل مصيبة يصاب بها الإنسان، يؤيد ذلك أنه قد جاء في بعض الآثار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلوب من سلب دينه، والمحروم من حرم الأجر» .
ثم بعد مصيبة الدين المصيبة في النفس، ثم في المال، أما المال فيخلفه الله تعالى وهو فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له.
قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} .
ومن أعظم البشارات لمن أصيب بمصيبة، فذكرها بعد مدة طويلة، فجدد لها