تسلية، بتذاكرهم آيات الصبر وأحاديث الصبر والرضى، فلا بأس بالاجتماع على هذه الصفة، فإن التعزية سنة، سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن على غير الصفة التي تفعل في زماننا، من الجلوس على الهيئة المعروفة اليوم، لقراءة القرآن، تارةً عند القبر في الغالب، وتارةً في بيت الميت، وتارة في المجامع الكبار، فهذا بدعة محدثة، كرهه السلف كما تقدم، لكن فيه تسلية لهم، وإشغال لهم عن الحزن، والله أعلم.
وأما قول أصحابنا، وغيرهم من الفقهاء، ففي غالب كتبهم يذكرون أنه لا بأس أن يجعل المصاب على رأسه ثوباً يعرف به، وبعض أصحابنا المقادسة يرخي عذبة من غير عادة.
قالوا: لأن التعزية سنة، وفي ذلك تيسير لمعرفته حال التعزية.
وأنكر هذا الفعل شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: لا ريب أن السلف لم يكونوا يفعلون شيء من ذلك، ولا نقل في هذا عن أحد من الصحابة والتابعين.
وثم آثار صريحة، تأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى، تقوي هذا القول.
وقد كره إسحاق بي راهوية أن يترك لبس ما عادته لبسه، والله أعلم.
وقد ذكر الشيخ، موفق الدين وغيره من أصحابنا في غالب الكتب: أن التعزية تجوز قبل الدفن وبعده، وأنه يقول في تعزية المسلم بالمسلم: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، ورحم ميتك، وفي تعزيته بكافر: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك.
وتوقف أحمد ـ رحمه الله ـ عن تعزية أهل الذمة، وهي تخرج على عيادتهم في أمراضهم، وفيها روايتان:
إحداهما ـ يعودهم، لأنه «روي أن غلاماً من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه، وهو عند رأسه، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» .
رواه البخاري، ولكن