للعبد فيما يكره درجتان: درجة الرضى، ودرجة الصبر، فالرضا فضل مندوب إليه، والصبر واجب على المؤمن حتم.
وأهل الرضا تارة يلاحظون حكمة المبتلى وخيرته لعبده فى البلاء وأنه غيرمتهم فى قضائه، وتارة يلاحظون عظمة المبتلى وجلاله وكماله فيستغرقون فى مشاهدة ذلك حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصل إليه خواص أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم لملاحظتهم صدوره من حبيبهم.
والفرق بين الرضى والصبر: أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط -مع وجود الألم - وتمنى زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع، والرضا: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك زوال الألم - وإن وجد الإحساس بالألم - لكن الرضى يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين وزالمعرفة، وإذا قوى الرضى فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " إن الله تعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح فى اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن فى الشك والسخط ".
وقال علقمة فى قوله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن: من الآية 11).
هى المصيب تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى.
وقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: " ذاق حلاوة الإيمان من رضى بالله رباً وبالإسلام