عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور ولو كشفه لأحرقت سبحاتُ وجهه ما إنتهى إليه بصره من خلقه.
ومحبة الله عز وجل هى حياة القلوب، وغذاء الأرواح، وليس للقلب لذة ولا نعيم ولافلاح ولا حياة إلا بها، وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، بل فساد القلب- إذا خلا من محبة فاطره وبارئه وإلهه الحق - أعظم من فساد البدن إذا خلا من الروح، وهذا الأمر لا يصدق به إلا من فيه حياة، وما لجرح بميت إيلام.
الآثار: قال فتح الموصلى: " المحب لايجد للدنيا لذة، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة عين ".
وقال بعضهم: " المحب طائر القلب، كثير الذكر، متسبب إلى رضوانه بكل سبيل يقدر عليها من الوسائل والنوافل دأباً وشوقاً ".
وأنشد بعضهم:
وكن لربك ذا حب لتخدمه ... إن المحبين للأحباب خُدّامُ
وأوصت امرأة من السلف أولادها فقالت لهم: " تعودوا حب الله وطاعته، فإن المتقين ألفوا بالطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها، فإن عرض لهم الملعون بمعصية مرت المعصية بهم محتشمة فهم لها منكرون".
وأنشد ابن المبارك:
تعصى الإله وأنت تزعم حبه ... هذا لعمرى فى القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع