العبد منه، ويستره حيث لا يستر نفسه، ويرحمه حيث لا يرحم نفسه، ودعاه بنعمه وإحسانه وأياديه إلى كرامته ورضوانه فأبى، فأرسل رسله فى طلبه، وبعث إليه معهم عهده، ثم نزل إليه سبحانه بنفسه، وقال: " من يسألنى فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له " (?).
وكيف لاتحب القلوب من يأتى بالحسنات إلا هو، ولايجيب الدعوات ويقيل العثرات، ويغفر الخطيئات، ويستر العورات، ويكشف الكربات، ويغيث اللهفات، وينيل الطلبات سواه؟
فهو أحق من ذكر، وأحق من شكر، وأحق من عُبد، وأحق من حمد، وأنصر من ابتغى، وأرأف من ملك، أجود من سئل، وأوسع من أعطى، وأرحم من استرحم، وأكرم من قُصد، وأعز من التجىء إليه، وأكفى من توكل عليه، وأرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأشد فرحاً بتوبة التائب من الفاقد لراحلته التى عليها طعامه وشرابه فى الأرض المهلكة إذا يئس من الحياة ثم وجدها، وهو الملك لاشريك له، والفرد لاند له، كل شىء هالكٌ إلى وجهه، لن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا بعلمه، يُطاع فيشكر، وبتوفيقه ونعمته أطيعَ، ويعصى فيعفو ويغفر وحقه أضيع، فهو أقرب شهيد، وأجل حفيظ، وأوفى بالعهد، وأعدل قائم بالقسط، حال دون النفوس، وأخذ بالنواصى، وكتب الآثار، ونسخ الآجال، فالقلوب له مفضية، والسر عنده علانية، والغيب لديه مكشوف، وكل أحد إليه ملهوف، وعنت الوجوه لنور وجهه، وعجزت العقول عن إدراك كنهه، ودلت الفطر والأدلة كلها على امتناع مثله وشبهه، وأشرقت لنور وجهه الظلمات واستنارت له الأرض والسماوات، وصلحت عليه جميع المخلوقات، لا ينام ولا ينبغى له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه