قال الأصمعي: حدثني الوليد بن نوح، سمعت خالد القسري على
المنبر يقول: إني لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفًا من الأعراب من تمر
وسويق. وكان خالد جوادًا ممدحَّا معطاء.
قال الأصمعي: دخل أعرابي على خالد بن عبد الله في يوم مجلس
الشعراء عنده، وقد كان قال فيه بَيْتَي شعرٍ امتدحه، فلما سمع قول
الشعراء صغر عنده ما قال، فلما انصرف الشعراء بجوائزهم بقي
الأعرابي، فقال له خالد: ألك حاجة؟ فأنشده البيتين، وهما:
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني ... وأعطيتني حتى [ظننتك] (?) تلعب
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مَذْهَبُ
فقال: سل حاجتك. فقال: علِيَّ من الدَّين خمسون ألفًا. قال:
قد أمرت لك بها، وشَفَعْتها بمثلها. فأمر له بمائة ألف.
وعن الهيثم بن عدي قال: كان خالد بن عبد الله يقول: لا
يحتجب الوالي إلا لثلاث خصال: إما رجل عييٌّ فهو يكره أن يطلع
الناس على عَيِّه، وإما بخيل يكره أن يُسأل، وإما يشتمل على سوءة فهو
يكره أن يعرف الناس ذلك.
وقال أحمد بن عبيد بن ناصح، عن محمد بن عمران، عن أبيه
قال: كتب خالد بن عبد الله إلى رجل ولاه المبارك: أما بعد، فإن
بالرعية من الحاجة إلى ولاتها مثل الذي بالولاة من الحاجة إلى رعيتها،
وإنما هُم مِنْ الوالي بمنزلة جسده من رأسه، فاحسن إلى رعيتك بالرفق،