فأخبر عبيد الله، ثم تحول مسلم إلى دار هانئ بن عروة المرادي، وكتب
إلى الحسين يأمره بالقدوم، وقال عبيد الله: ما بال هانئ بن عروة لم
يأتني؟ فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس، فأتوه وقالوا: إن الأمير
قد ذكرك، فركب معهم ودخل على عبيد الله، وعنده شريح القاضي
فقال لشريح: أتتك بحائن رِجْلاه، وقال: يا هانئ أين مسلم؟ قال:
ما أدري، فأمر عبيد الله [1/ ق 182 - ب] صاحب الدراهم فخرج إلى
هانئ، فلما رآه فَظِعَ به، فقال: والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء
فطرح نفسه علي. فقال: ائتني به. قال: والله لو كان تحت قدمي ما
رفعتها. فضربه بقضيب فشجه، فأهوى هاني إلى سيف شرطي ليستله
فدفع عن ذلك وحبس، فخرج الخبر إلى مذحج، فإذا على باب القصر
جلبة (?)، قال: وأتى الخبر مسلمًا فنادى بشعاره فاجتمع إليه أربعون ألفًا،
وبعث عبيد الله إلى وجوه الكوفة فجمعهم عنده في القصر فلما سار إليه
مسلم وانتهى إلى باب القصر أشرفوا من فوقه على عشائرهم، جعلوا
يكلمونهم ويردونهم، فتفرقوا حتى أمسى مسلم في خمسمائة، فلما
اختلط الظلام ذهب أولثك أيضًا وبقي وحده، فتردد في الطريق فأتى
باب منزل، فخرجت إليه امرأة فاستسقاها فسقته، ثم دخلت فمكثت ما
شاء الله، ثم خرجت فإذا هو على الباب، قالت: يا عبد الله، إن
مجلسك مجلس ريبة فقم. فقال: إني مسلم بن عقيل فهل عندك ماوى؟
قالت: نعم. فدخل وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فانطلق فأخبر
محمدًا، فبعث عبيد الله عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطته
ومحمد بن الأشعث فأحيط بالدار، فخرج مسلم بسيفه فقاتلهم، فأعطاه
محمد الأمان، فأمكن من يده فجاء به إلى عبيد الله، فضرب عنقه
وألقى جثته إلى التاس وصلب هانئًا فقال شاعرهم: