الفصل الثاني: الغاية من تأليف التدهيب وفائدته-

ولما كان هذا السفر العظيم -تهذيب الكمال- كبير الحجم جدًا تتقاصر همم

طلاب المحلم عن تحصيله، فطلب بعضهم من الإمام الذهبي تلخيصه لهم.

يقول الإمام الذهبي: التمس مني بعض الأخلاء اختصارًا لتهذيب الكمال،

والإتيان بالأهم فالأهم، وإن كان كله في حكم المهم. فقفت لو صنفت له شرحًا

لكان أولى من أن أوليه تنقيضا وطرخا، ثم فكرت، فإذا الأعمار موليه، والهمم قصيرة

وضروريات الكتاب محتاج إليها في الجملة، فاختصرته مثبتًا لذلك تاركًا التطويل.

ورغم هذا فإن كتاب التذهيب للحافظ الذهبي جاء مشتملًا على إضافات نفيسة

وتعليقات مفيدة ولطائف من كل فنون علم الحديث المتصلة بدراسة الرجال، فقد عُني

فيه بإبراز الؤتلف والختلف من أسماء الرجال، وهو ما يتفق في الخط ويختلف في

النطق وكذلك عُني ببيان وفاة كثيرٍ من المترجم لهم، وغير ذلك من الإضافات التي

التقطها الحافظ ابن حجر في كتابه "تهذيب التهذيب" حيث يقول في مقدمته: وقد

ألحقت في هذا المختصر ما التقطته من تذهيب التهذيب للحافظ الذهبي (?).

وعلى كلٍ، فرغم أن تذهيب التهذيب كان اختصارًا لتهذيب الكمال، إلا أنه

بعد إضافات الإمام الذهبي النافعة، والتي ذَهَّب بها مختصره، وما بثه في ذلك المختصر

من روحه العلمية، ما جعل الكتاب يكاد أن يصبح مؤلفًا مستقلًا، وإضافة أصيلة في

علم الرجال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015