وركب إلى العمري إلى مزرعته فدخل المزرعة بحماره فناداه لا توطئ
زرعنا، فوطأه الحمار حتى وصل إليه، فنزل عنده وضاحكه وقال: كم
غرمت في زرعك؟ قال: مائة دينار، وأرجو أن يجيء منه مئتا دينار.
فأعطاه ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك بحاله، فقام العمري فقبل رأسه
وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته ثم جعل يدعو له كلما دخل
المسجد وخرج. وله من هذا النوع غير حكاية في الجود، والسخاء،
والمروءة. وقال إسحاق النديم: حدثني الفضل بن الربيع عن أبيه قال:
لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى عليًّا -رضي الله عنه- في النوم
وهو يقول: يا محمد {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (?) قال الربيع: فأرسل إليَّ ليلا فراعني فجئته فإذا
هو يقول الآية، وكان أحسن الناس صوتًا، وقال: عليّ بموسى بن
جعفر فجئته به فعانقه، وأجلسه إلى جنبه، وقص عليه المنام، [وقال] (?):
فتؤمني أن تخرج عليّ أو على أحد من ولدي؟ فقال: والله لا فعلت
ذلك ولا هو من شأني. قال: صدقت. يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف
دينار، وردَّه إلى المدينة ففعلت. وعن عبد الرحمن بن صالح الأزدي
قال: حج الرشيد فأتى الحجرة وقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن
عمِّ. يفتخر بذلك فدنا موسى بن جعفر فقال: السلام عليك
يا أبة. فتغيَّر وجه الرشيد وقال: هذا هو الفخر يا أبا الحسن حقًّا.
وقال يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي: حدثني عمَّار بن أبان قال:
حُبس موسى بن جعفر عند سندي بن شاهك فسألته أخته أن تتولّى حبسه
ففعل، فكانت تلي خدمته فحُكي لنا أنَّها قالت: كان إذا صلى العتمة
حمد الله ومجده ودعاه فلم يزل حتى يزول الليل، ثم يصلي الصبح،
ثم يذكر [الله] (?) حتى ترتفع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى،