عبد العزيز إننا نبايعك على السمع والطاعة وأن نقاتل من تشاء عن يمينك وشمالك ولو دفعتنا إلى البحر لخضناه، إنا نبايعك على مقاتلة من ينازعك ومعاداة من عاداك ونقوم معك ما أقمت فينا الشريعة.
أولئك الإخوان الذين لما عرفوا حسن قصده وما يكنه ضميره من النصح لهم والشفقة عليهم قدموا نفوسهم أمام تنفيذ إرادته وعادت ثقة الناس به واطمأن إلى إخلاصه الإخوان فذهب كل جماعة إلى قبيلتهم دعاة لابن سعود وينشرون العداوة لعدوه، فانظر إلى مكارم أخلاق ابن سعود بما أبداه إلى شعبة وإن كان ليس بفقير إليهم فإن كلامه هذا استطاع به أن يجمع حوله الشعب كله ولقد كان عرضه التنازل عليهم سببًا في تقوية نفوذه وإعلاء مكانته واشتداد التعلق به فكان بإمكانه يومئذ أن يضرب خصومه الثلاثة الضربة القاضية ولكنه تركهم يبحثون عن حتفهم.
وقد رأت الحكومة الإنكليزية أن توفد "السير جلبرت كلايتون" إلى جدة في هذه السنة يحمل النيابة عن الإنكليز، وقد تمكن ابن سعود من ضبط تلك القبائل الجائرة وإيقافها عند حدها كما أنه طلب أيضًا من بريطانيا الاصطبار ريثما يتفق بالوفد لتسوية المسائل المختلف عليها، ولما أن اتفق به الوفد البريطاني وقد أحس أنه جاءه ناقمًا غاضبًا وأن لندن غاضبة ناقمة لم يترك لخصمه أن يبدأه بالكلام بل تكلم هو بالشكوى من خطأ السياسة الإنكليزية وكيف أنها أخذت تهاجم أرضه بطائراتها مع أنه تربطها معه معاهدة ولاء وصداقة وقد ساعدت الظروف السياسية ابن سعود كما أنه ساعده البترول وقرب منابعه من مواطن ابن سعود والوهابيين فتراجع كلايتون وانتهى الأمر بعد أخذ ورد بالاتفاق، وكان المندوب البريطاني يحمل تقريرًا عظيمًا في أول مجيئه وهذا معناه:
إلى صاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها بعد التحية لا يستقيم إتيان بدوان من رعيتكم تقتل أهل العراق، والكويت وتفعل تلك الأفاعيل الوحشية فلا بد من عرض أمور أربعة على حضرتكم: