عند الناس وألفه طلاب العلم وأهل الدين، وفاق الأقران، وسبق أبناء الزمان وأقر بفضله القاصي والدان، وكان من زملاء أخينا عبد الرحمن بن عبيد ويلقب "بالحميدي" وله شهرة عظيمة، يقر له بالفضل قرناؤه وأصحابه وهذه صفته رحمه الله.
كان ربعة أبيض اللون مشربًا بحمرة كث اللحية يعلوه البهاء والنور، أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمَّد بن سليم وأخذ عن الشيخ عمر بن محمَّد بن سليم؛ وسيرته حسنة ومعاملته جميلة لمحاسن ولين عريكته أضف إلى ذلك عقلًا وأدبًا، وكان الشيخ عمر يقدمه ويحترمه، وجمع كتبًا كثيرة فكان لديه مكتبة، وكان محبوبًا عند الناس يألفونه ويعظمونه ومن أسرة كبيرة في القصيم، وأخذ عنه أخبرنا عبد المحسن بن عبيد، وأخذ عنه أيضًا أخواه صالح بن عبد العزيز وعلي، وكان مرضه شبيهًا بالسل مع ألم أثر في إصبع يده من آثار لدغة حية حتى سقط إصبعه نسأل الله تعالى أن يخلفها في النشأة الآخرة خيرًا منها ويرفع درجاته في الجنة، ويا لعثر الحظ أن مثل هذا يكون هدفًا للموت في سن الشبيبة وتصاب به الأمة وتخلوا منه المحاريب وتندبه خلق الله "فإنا لله وإنا إليه راجعون" بعثه آل سليم إمامًا ومبينًا ومعلمًا للأمير فيصل الدويش في الأرطاوية فذهب إليها ثم جعل قاضيًا هناك.
ولما مات فجعت الأمة بموته ورثاه أهل العلم والدين؛ فمن ذلك ما رثاه به الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر لأنه صديقه الخاص وزميله، بل كان شيخًا لراثيه وهي هذه:
إلى الله أشكو وأبتهل بدعائيا ... وأطلب رب العرش يحسن عزائيا
فقد جاءنا خطب ملم وفادح ... ورزء كبير من عظيم الدواهيا
أتاني كتاب من حبيب ومشفق ... يعزي بموت الحبيب المصافيا
وأعني به الشيخ "الحميدي" أخا الحجا ... تقيًا نقيًا طاهر العرض زاكيا
أديبًا أريبًا خائفًا متواضعا ... فمن مثله فينا وأين المساويا
يحب ذوي التقى ويبغض ذا الردى ... لقد كان كهفًا للهدى وداعيا
يقضي بتدريس العلوم نهاره ... وبالليل في بحث الفنون مساميا