بتأديبهم على فعلهم قال أفتأمر بتأديبهم على استهانتهم باسمك ولا تؤذيهم على استهانتهم بذكر الله وأسمائه فمن ذلك الوقت فرق شملهم ولم يترك منهم أحدًا يجتمع على شيء من ذلك.
وكان مكبًا على الطالعة والتأليف وإذا مر على شيء يحتاج إلى توضيح أو تعقيب أو رد كتب عليه بخطه النير الذي لا يشتبه بغيره، وكان بينه وبين الشيخ صديق حسن القنوجي مكاتبات وأرسل إليه صديق تفسيره ليطالعه ويبدي ما عنده من ملاحظات عليه: فكتب على جملة مواضع أصلح فيها.
وبقي في مكة حتى توفى الشريف عون فرجع إلى بلده شقراء وأخذ في التعليق على نونية ابن القيم، وكان له اطلاع تام على الملل والنحل وأسماء الرجال فلم يقدر له إتمامه لاشتغاله بالقضاء في بلد المجمعة وملحقاتها من قبل الحاكم إذ ذاك محمد بن عبد الله بن رشيد؛ وكان مشكور السيرة في القضاء.
ولما استولى ابن سعود على المجمعة ولى بدلًا عنه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري وظيفة القضاء فقاسى المترجم بعد عزله وانقطاع ما كان يجري له من المكافئات حاجة شديدة، وكان في صفته أنه طويل نحيف الجسم يخضب بالحناء وعليه سكينة ووقار: هذا والثه المسؤل الرجو أن يبقي لنا علماء الدين ويحفظهم بالإسلام ويحفظ الإسلام بهم لأن بهم صلاح الأمة ويكفينا ما قام به شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والأمير الشريف محمد بن سعود وما نشر الله لهما من الذكر الجميل وما منحهما من العز والتمكين فأعزهم الله تعالى بعد الذلة وأغناهم بعد القلة: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، ووصيتي لعلماء المسلمين وأئمتهم بتقوى الله تعالى ونصرة دينه فإن من قام لله قام الله معه ومن توكل على الله كفاه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]، ومهما قام أهل هذه الدعوة بما قام به سلفهم فإن الله تبارك وتعالى سينصرهم ويظفرهم بعدوهم ويعاملهم بالتوفيق.
وفيها أو في التي قبلها توفى الشيخ حسن بن حسين آل الشيخ قدس الله روحه وهذه ترجمته: