وممن توفى فيها من الأعيان أحمد بن عيسى وهذه ترجمته:
هو الشيخ العالم العلامة القدوة الفهامة، أحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبد الله بن عيسى، ولد في بلدة شقراء سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف، أخذ العلم عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، وعن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن وأخذ عن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، ثم بعدما أقام في مدينة الرياض لطلب العلم عاد إلى بلده ثم توجه إلى مكة المكرمة للحج وجاور بها، وكان يمارس التجارة في تلك المدة واجتمع بعلمائها والقادمين إليها وحصل بينه وبينهم مناظرات في دعاء الأموات والغائبين وسؤالهم قضاء الحوائج وتفريج الكربات فأدحض حججهم الباطلة بالأدلة القاطعة، وألف في ذلك ورد على "دحلان، والمدراسي، وغيرهما" وله أجوبة سديدة ونظم جيد وحصل له قبول فانتفع به خلق كثير منهم: الشيخ عبد الستار الهندي الدهلوي، والشيخ بكر خوقير الحنبلي، والشيخ سعد بن عتيق.
وكان معظمًا عند والي مكة وأميرها الشريف عون فكان يجله ويحترمه، وجعل الله على يديه وبأسبابه هدم بعض القباب والبنايات التي على القبور في مكة المشرفة، وكان رحمه الله متواضعًا حتى كان إذا طلبه الشريف أرسل مع خادمه إليه حصانًا ليركبه فيأبى إلا إذا كانت المسافة بعيدة فإنه يركب في المواضع التي لا يمر فيها أحد فإذا قارب الأسواق نزل وذهب ماشيًا على قدميه وأمر الخادم أن يذهب بالحصان.
وكان ذات يوم جالسًا عند الشريف فمر ذكر أصحاب الطرق وما يفعلونه من الأذكار المبتدعة فبين الشيخ قبح فعلهم وقال: إن أفعالهم أمور مبتدعة لا أصل لها في الشرع، فإن مجرد ذلك التكرار للنط الاثبات في قولهم "إلا الله" لا يكون ذكرًا وهم ما اقتصروا على ذلك بل كرروا الضمير فقط فقالوا "هو" "هو" فعجب الشريف من كلامه، ثم قال له أفأضرب لك مثلًا لو أن خدامك وحاشيتك وقفوا ببابك وجعلوا ينادون جميعهم بصوت عال يقولون "عون" "عون" أيسرك هذا ويكون لديك حسنًا، قال: لا، قال فماذا تصنع بهم قال آمر