فوالهفًا من فادحٍ جل أمره ... وهد لركن الدين إحدى القواصم
فمن مثل عبد الله يرجى لمشكل ... ويقصد عند المعضلات العظائم
ومن مثله في العلم والحلم والتقى ... وزهدٍ وكفٍ عن جميع المآثم
لقد كان ذا صبر وصدقِ وعفةٍ ... فليس له في عصره من مقاوم
وقد كان ذا للهداة ومفخرًا ... وغيظًا وإرغامًا لكل مراغم
وكان شجى في حلق كل منافقٍ ... قذا وأذىً في كل عين مخاصم
وكان له حظٌ من العلم وافرًا ... يقصر عن تحصيله كل عالمٍ
وقد كان في الإتقان والضبط آيةً ... وتقريره التوحيد بين العوالم
يقضي بتدريس العلوم نهاره ... وتوضيحه النهج القويم لرائم
وإن جنه داجي الدجى كان قائمًا ... مناجي إله العرش أرحم راحم
وكان تقيًا ناسكًا متورعًا ... كريمًا سليم القلب غيظ المصادم
أبيًا وفيًا فاق في الجود والندى ... وحل على هام السهى والنعائم
أديبًا أريبًا المعيا مهذبًا ... لنيل العلى مستيقظًا غير نائم
محبًا لأهل الدين والصدق والوفا ... وذا نفرةٍ في كل خبٍ وظالم
يعز ذوي التقى ويدنيهموا ولا ... يداني لأهل الزيغ من كل آثم
وقد كان ذا عقلٍ رزين وفطنةٍ ... يقصر عنها كل شهم وحازم
وكان لأهل العلم كهفًا وموئلًا ... إذا أعجمتهم معضلات المخاصم
يحل عويص المشكلات بفهمه ... ووقاد ذهنٍ ما له من مقاوم
له في فنون العلم باعٌ طويلة ... وفي الرأي مع بذل الجدا والمكارم
فلله من حبر إمامٍ موفقٍ ... حميد المساعي ذي النهى والعزائم
لقد عاش فينا يأمر الناس بالتقى ... وينهى الورى عن موبقات الجرائم
وجاهد في مولاه حق جهاده ... وما خاف في الرحمن لومة لائم
ومطلوبه إظهار دين إلهه ... وما قصده الدنيا وجمع الدراهم
فأكرم به بحرًا خضمًا وجهبذًا ... سأذكره بين الورى في الأقالم