فلست أرى أن يوجد اليوم مثله ... بكل الورى من عربها والأعاجم
لقد أظلمت نجدٌ وقلَّ بهائها ... وقد أصبح الإسلام واهي القوائم
وقد كسفت شمس الهدى بعد ضوئه ... وبدر الدجى غطاه إحدى العمائم
لدن غيبو شمس الهدى داخل الثرى ... وواروا لشخص الحبر عالي الدعائم
فما مرَّ دهرٌ للورى من مصيبةٍ ... ورزءٍ فظيعٍ قد أتى بالقواصم
بأعظم من خطب أتانا بموته ... أعول كل بالبكاء والتلاوة
فضج أولوا الإسلام ضجة واحد ... وسالت جفونٌ بالدموع السواجم
وأضحت ربوع العلم ثكلًا بواكيا ... لفقد الإمام الحبر زين العوالم
فلو ينفع المرء البكا لوجدتني ... أجود بدمعٍ مثل صوب الغمائم
ولو يقبل الموت الفداء لواحدٍ ... بخلقٍ كثيرٍ أو كثير الدراهم
لفدَّيته أهلي ونفسي وعصبتي ... ومالي وأولادي وخل مصادم
ولكن أسى الإنسان ليس بنافعٍ ... ولا مانع مما قضى أو مصادم
فصبرًا بني الإسلام صبرًا لما دهى ... من المزعجات الفظعات العظائم
فذا قدرٌ ولا بد كائنًا ... وأمرّ قضاه الله أحكم حاكم
وذي سنةً في العالمين جميعهم ... قضى بالفنى ربي على كل عالم
ولو قد قضى بالخلد ربي على امرءٍ ... لخلّدَ خير الخلق صفوة آدم
عسى ربنا الرحمن جل جلاله ... إله الورى ذو الكبريا والمراحم
يقدس روح الشيخ في الفوز والرضى ... ويسكنه الفردوس مع كل ناعم
ويجبر صدع المسلمين وشجوهم ... بإصلاح آل الشيخ أهل المكارم
ويجعلهم في العلم والخير قادةً ... كآبائهم من جددوا للمعالم
ويحفظ نجل الشيخ أعني محمدًا ... حليف المعالي ذو الوفاء الملازم
ويرزقه علمًا وفهمًا وحكمةً ... يفوق بها الأقران من كل عالم
ويبقي لنا بدر الدجى علم الهدى ... حليف التقى سامي الذرا والدعائم
يلم به شعث الهداة وشملهم ... ويحميهموا من كيد باغٍ وغاشم