على السيد المعصوم والآل كلهم ... وأصحابه الغر الكرام الأطاهر
وكان العلماء والرؤساء من الملوك والأمراء يعظمونه ويقفون عند أوامره ونواهيه، ولا يستطيع أحد من الناس مجاوزتها لأنه قطب رحى الدين في وقته يرجع إليه في مهمات الأمور إذا انسدت أبوابها وحاربها فكر الأنجاب، فيجدون عنده كشفها، وله مؤلفات مفيدة، وأجوبة سديدة عباراتها عذبة المجتنى وفصاحتها قد بلغت الغاية والمنتهى تدل على سبقه ونباهته وكمال غوصه ودرايته، ويلهج بها أهل العلم والدين، ويهجم بها مردة الشياطين من الكفار والمنافقين، ولقد كان في ناحية العارض بل في نجد كلها عظيمًا بموته يصاب الإسلام وأهله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولما أصابه طارق الموت والفنا، ونزل به مبيد الأمم الذي لا يفوته هارب ولا يرده ممتنع، بَكتْهُ محارب العلماء ودروس الفقه والتوحيد، ورزئت به الأمة ورثى بمراثي كثيرة حسنة، فمن ذلك ما رثاه به الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف، وهي:
على عالم الأعلام زاكي المناقب ... بكيت طويلًا بالدموع السواكب
وحقٌ لعيني أن بريق دموعها ... وللأنس أن يزور عني بجانب
وحقٌ لقلبي أن يرى متصدعًا ... لخطبٍ دهانا بالهموم اللوازب
فأعظم به من فادحٍ جلَّ خطبه ... ورزءٍ دها من معضلات المصائب
به أظلمت أرجاء نجدٍ جميعها ... لما عمها من فادحات النوائب
فوا الله إن العيش عاد منغصًا ... لدن غيبوا بالرمس جم الرغائب
وأعني به الشيخ الإمام الذي له ... مآثر مجدٍ عاليات المراتب
هو الشيخ عبد الله ذو الجود والتقى ... وذو الحلم والإحسان صافي الشارب
إمام لدين الله كان مجددًا ... شهابٌ على الأعداء من كل ناكب
إمامٌ لعمري كان بالعلم عاملًا ... وكهفًا لأيتامٍ وغيثًا لطالب
إمامٌ همامٌ ماجدٌ ذو تورع ... وبذال جودٍ في ليالٍ سواغب