الوجه خطأ فلا علم لنا به وليس معك توصيةً من الحكومة البريطانية، فقال: "ليتشمن" إني رجل إنكليزي طالب علم وأنتم مشهورون بإكرامكم الإنكليز خصوصًا العلماء منهم، فلم يتأكد عبد العزيز حقيقة ما ادعاه الرجل، بل ظن أنه يتجسس للترك، فيما أنه كان قد عزم على الهجوم في الإحساء، وقد خامر الترك بعض الريب في أمره رأى أن يستخدم هذا الجغرافي لإزالة ذلك الريب فيطمئن من الخصم البال ويسير وهو مطمئنًا أيضًا إلى غرضه، فقال له: لا يستطيع أن يجيب طلبك غير الترك في الحسا، فأرى أن نذهب إلى المتصرف هناك وأنا أكتب إليه بخصوصك، وكتب فيما أرسله أن هذا الرجل مجهول لدينا وهو واصل إليكم، فيما ينبغي الراي الموفق إن شاء الله، فرحل "ليتشمن" وبعد قليل شد ابن سعود راجعًا إلى معسكره في الخفس.
وكان جمال باشا يومئذٍ واليًا في بغداد وكان يجامل ابن سعود ويتظاهر بصداقته، فوعده بالسعي في حسم الخلاف بينه وبين الشريف حسين، وسأله أن يرسل مندوبًا إلى بغداد للمذاكرة في هذا الأمر، فأرسل ابن سعود رجلًا من رجاله العصريين وهو أحمد بن ثنيان، ولكن جو السياسة العربية تغير أثناء ذلك، فعندما وصل أحمد بن ثنيان إلى بغداد وجد جمالًا متغيرًا وليس بجمال وسمع منه كلامًا لإجمال فيه ولا حكمة، فعجب ابن ثنيان من تنكر جمال فهو الذي طلب من ابن سعود مندوبًا ولما جاءه قابله بما يكره، وكان من كلامه أن قال ابن سعود لا يعرف مقامه وقد غره أن صفح عنه المشير فيضي باشا، فإذا كان لا يقبل بما تطلبه الحكومة، فإن بإمكاني أن أخترق بلاد نجد من الشمال إلى الجنوب بطابورين لا غير.
والسبب في تغير جمال أنه قد طمع في ابن رشيد وظن أن نجمه سطع، فرجع أحمد بن ثنيان مغبظًا محنقًا من مقابلة جمال وسخفه، وبلغ ابن سعود كلامه وإنه قد قلب ظهر المجن فكتب ابن سعود عندما سمع كلامه كتابًا إلى جمال أرسله بواسطة وكيله في البصرة عبد اللطيف باشا المنديل وفيه هذه الكلمة.
قلتم أنكم تستطيعون بطابورين أن تخترقوا بلاد نجد من الشمال إلى الجنوب ونحن نقول إنا سنقصر لكم الطريق وذلك عن قريب إن شاء الله.