الهرم الذي قتل ولده أمامه فيخنقه، ثم ينتبه مرعوبًا وكلامه في أذنيه يقول له: يا ظالم والله لا تفلح، وقد قدمنا صفة قتلهم الذي سيجازيه الله عليه، وقد قتل في الموضع الذي قتلهم فيه قبل مضي سنة من قتلهم، هذا وما كان إلا في عتوّه، فهو يتنقل في أطراف القصيم ويجوس خلاله.
ولما كان في افتتاح هذه السنة في غرة محرم، نزل ابن سعود على غدير الأرطاوية المذكور، وجعل يجند الجنود حتى تكامل جيشه ألفًا وستمائة مقاتل، ألف ومائتان من الحضر وأربعمائة خيال من البادية، فزحف بهذا الجيش مسرعًا إلى القصيم، وقد دفع الراية إلى مطرف، وكان مسيره في آخر محرم يريد ابن رشيد في الثويرات من عقلة الزلفي لما ذكر له أنه معسكر هناك، وكانت أمكنة وعرة كثيرة الرمال.
ولما أن زحف إليه لم يدركه هناك، وكان ذلك في 17 صفر، وهذا في يوم من أيام الربيع العاصفة الماطرة التي لا يطيب الحرب ولا الغزو فيها للرياح والأمطار، فقد يدنوا المتحاربون بعضهم من بعض دون أن يشعروا بذلك، فإذا هم فجأة في المهلكة الكبرى، وكان ابن رشيد يتراجع ليصل إلى الشقة فيجتمع هناك بصالح الحسن الذي جاءه مناصرًا مصالحًا، وقد أخذه الله قبل أن يجتمع به، وكان حامل رايته رجل يدعى الفريخ.
لما أراد الله أن ينفذ فيه إرادته، جرى منه غفلة أهمل بها أمر العدو، ذلك لأمر يريده الله تعالى، فإنه سار ابن سعود مجدًا في طلبه طيلة ذلك اليوم، ثم إنه لما كان من آخر النهار توقف ابن سعود ورجاله عن تتبعه، وذلك لأن شدة الأمطار والرياح منعتهم من أن يواصلوا السير نحوه، فعاد كشافة ابن سعود يخبرونه بأنه على مسيرة ساعتين منهم، وقد نزل روضة مهنا، فعندها بادر ابن سعود ورجاله مشيًا على الأقدام كي لا يشعر العدو بقدومهم، ولكن بعض كشافة ابن رشيد