بادروا إلى أميرهم بالخبر، وقد نام فجعلوه يوقظونه وهو يتأنى ليقضي الله أمرًا كان مفعولا، فاستيقظ وشرع يذمر جيشه، وكان مؤلفًا من ستمائة من الحضر وألف ومائتين من البادية الخيالة، ثم أمر أن تضرم النيران، فكانت سببًا لهجوم الجيش عليهم، فهجم الجيش السعودي إلى ساحة القتال، ولم تنتصف ليلة 18 صفر إلا وقد اختلط الجيشان وتواقعا تحت جناح الليل.
وكان السعوديون قد هجموا على جناح شمّر فزحزحوهم، وصال في موضعهم بعدما تقهقر جنود ابن رشيد.
هذا وما علم ابن رشيد بهذا الهجوم، بل ركب حصانه وتبع راية ابن سعود يظنها رايته لأنها تقهقرت رايته وثبتت في مكانها، وهو ينادي من هنا يا لفريخ من هنا، يا لفريخ أيش هذا التدبير، يا لفريخ، ولكن ابن الفريخ قد تقهقر مع المتقهقرين، فلما عرف السعوديون صوته صاحوا ينادون بقولهم ابن رشيد، ابن رشيد، يا طالبيه، فصوبت البنادق وثار به بضع وعشرون رصاصة، فخرَّ صريعًا عن ظهر جواده يتخبط في دمائه، فأخذ الجيش السعودي سيفه ونزعوا خاتمه وألقوهما بين يدي عبد العزيز بن عبد الرحمن، ذبحناه وهذا سيفه وخاتمه يا إمام، ثم إنه قطع رأسه وذهب به ثلة من السعوديين إلى سوق بريدة وهم يقولون نحن أهل العوجا مروية السنين أسنة الرماح، وجعل المسلمون يستبشرون بقتله، وانتهت حياته المملوءة بالدماء وآخرها دمه.
وهذه ترجمته نذكرها وإن كان قد تقدم بعضها:
هو الأمير الخطير وذو الشأن الكبير والعلم في الشجاعة، الرفيع الشهير عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن علي بن رشيد بن عبد الله آل رشيد آل خليل آل جعفر آل عبدة الذي شهدت له بالشجاعة أبطال الرجال، وتضعضعت عن ملاقاته عناتيب الأشبال، هو الذي تنفست عنه جزيرة العرب في القرن الرابع عشر، فكان فارسًا شجاعًا وبطلًا مغوارًا إلى حد الهوج، وبلغت به شجاعته درجة من القساوة والسطوة تعدت به عن حد السياسة التي هي من شروط الأمراء الأساسية وأعلى