وقد صح أن القتل من غير مريةٍ ... ثلاثون نفسًا بل يزيدون في العد
فأصبح مرعوب الفؤاد مرزءا ... وخالجه رعبٌ فآب علي كمد
وفرّ هزيمًا آخر الليل مجنبًا ... كسيرًا ذليلًا خائب الظن والقصد
ثم أخذ في مدح الإمام عبد الرحمن بن فيصل وماله من المآثر، وقدم إليه بعض الآراء والنصح إلى أن قال مهنئًا لجلالة الملك عبد العزيز:
فمن مبلغ عبد العزيز وجنده ... ومن معه أنا علونا على الضد
وما نال إلا الخزي والعار والردى ... وولى على الأعقاب منكسر الحد
ليهنك يا عبد العزيز به الذي ... قد اعتز أهل الدين من كل ذي رشد
وأكمد أكبادًا وأوهى ذوي الردى ... ومن به المولى علينا من المجد
ونصر على الأعداء وهزم جنودهم ... فما شمّر إلا عن الرشد في بعد
وما شمر إلا عِدَاةُ ذوي الهدى ... وأنصار أعداء الهدي وذوي الجحد
فسر نحو أعداء الشريعة قاصدًا ... بهمتك العليا ولا تأل في الجهد
إلى شمّر أعداء دين محمد ... ... ذوي الغدر والمكر المجرد عن رشد
وجر عليهم جحفلًا بعد جحفلٍ ... وأرهبهمو بالصافنات وبالجرد
فإنك منصورٌ عليهم مؤيد ... وعندهمو من بأسك الخير المردي
ولما أن أقام بن رشيد في ذلك الموضع ثلاثة أيام بلغه أن عبد العزيز بن عبد الرحمن زاحف إلى القصيم، فطعن مسرعًا لما سمع بذلك وقصد ناحية الوشم عن طريق ضرمة.
وكان الإمام عبد الرحمن بن فيصل قد أرسل سريةً بقيادة مساعد بن سويلم، فاستولت على المحمل والشعيب ثم زحفت إلى شقرا، وكان فيها أمير لابن رشيد اسمه الصويغ، فلما دنا مساعد من البلد، فرّ الصويغ إلى ثرمدا هاربًا، فاستولى مساعد على شقراء برضاء من أهلها، ففي هذه السنة استولى ابن سعود عليها.
ولما أن فتحها مساعد زحف وهجم على ثرمدا، فأدرك الصويغ فيها فقتله وقبض على العنقري أمير ثرمدا، فارسله إلى الرياض.