فهؤلاء عضو من أعضاء أولاد محمد بن سعود، فلما تضعضع الملك وانتشرت الفوضى وتشتت الشمل، قام بالأمر تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ووفق وملك وساس الرعية وأذعنت له العباد، وتأسست الدولة السعودية مرةً ثانية فقتله ابن عمه مشاري بن عبد الرحمن، ثم قام بالأمر بعده نجله فيصل بن تركي وسدد وطالت مدته في الملك، فلما توفاه الله تعالى قام بعده أولاده كلٍ يخطب الملك لنفسه، وكاد الأمر أن يستقيم للإمام عبد الله لولا معثرات قامت في نحره ومنازعات ومشاغبات بين أمراء آل سعود في الملك، حتى كانت الفتن تغدو على الناس وتروح ونياب الأهواء تظهر إذ ذاك وتلوح، وكلٌ قد استعد بسلاحه يتوقع الغوائل، ولا يدري في أي موضع نصبت له الحبائل، فضاع الملك بين آل سعود حتى قبضه محمد بن رشيد.

فلما شب هذا العاهل العظيم والضرغام المقدام استلم هذه الوديعة من يد مغتصبها وكان لما بلغ الحادية والعشرين من عمره تجرد لنزع الملك، وتقلد سيفه يفلق الهام ويزيل الأعناق حتى قال عن نفسه ما في المملكة من شبر إلا وقاتلت عليه، فأخذ الملك بالسيف ما زال يجند الجند ويجيش الجيوش حتى كان ما بين البحر الأحمر إلى خليج فارس وما بين الشام إلى اليمن يدين له بالسمع والطاعة، وهؤلاء العضو الثاني من أولاد الإمام محمد بن سعود وسيأتي بقية ترجمته إن شاء الله تعالى.

وفيها أيضًا جدد فرش الكعبة المشرفة، ففرش سطحها وغير بعض أخشاب سقفها وأصلح بعضها، وذلك في عهد السلطان عبد الحميد لأن له همة عالية في الإصلاحات لا سيما في الحرمين الشريفين كعادة سلاطين آل عثمان في عمارة الحرمين الشريفين وبذل الأسباب وبث الأموال ونحت الطرق، ولقد اعتنت في أعمدة المسجدين وزخرفتها، فالله المستعان.

وختمت هذه السنة بتقوية الصلات بين ابن رشيد وابن مهنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015